تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أعظم المسانيد قدرا وأكثرها نفعا: مسند الإمام أحمد فقد شهد له المحدثون قديما وحديثا بأنه أجمع كتب السنة وأوعاها لما يحتاج إليه المسلم في دينه ودنياه قال ابن كثير: لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته وقال حنبل: جمعنا أبي أنا وصالح وعبد الله فقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا وقال هذا الكتاب جمعته من أكثر من سبعة ألاف حديث وخمسين ألفا فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة اهـ لكن قال الذهبي: هذا القول منه على غالب الأمر وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء ماهي في المسند اهـ.

وقد زاد فيه ابنه عبد الله زيادات ليست من رواية أبيه وتعرف بزوائد عبد الله وزاد فيه أيضا أبو بكر القطيعي الذي رواه عن عبد الله عن أبيه زيادات عن غير عبد الله وأبيه.

ويبلغ عدد أحاديث المسند بالمكرر نحو (40000) أربعين ألف حديث وبحذف المكرر نحو (30000) ثلاثين ألف حديث.

آراء العلماء في أحاديث المسند:

للعلماء في أحاديث المسند ثلاثة آراء:

أحدها: أن جميع ما فيه من الأحاديث حجة.

الثانية: أن فيه الصحيح والضعيف والموضوع وقد ذكر ابن الجوزي في الموضوعات تسعة وعشرين حديثا منه وزادالعراقي عليها تسعة أحاديث وجمعها في جزء.

القول الثالث: أن فيه الصحيح والضعيف الذي يقرب من الحسن وليس فيه موضوع وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي والحافظ ابن حجر والسيوطي وقال شيخ الإسلام: شرط أحمد في المسند اقوى من شرط أبي داود في سننه وقد روى أبو داود عن رجال أعرض عنهم في المسند وقد شرط أحمد في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده وإن كان في ذلك ماهو ضعيف ثم زاد عليه ابنه عبد الله وأبو بكر القطيعي زيادات ضمت إليه وفيها كثير من الأحاديث الموضوعة فظن من لا علم عنده أن ذلك من رواية أحمد في مسنده اهـ.

وبما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله يتبين أنه يمكن التوفيق بين الآراء الثلاثة فمن قال: إن فيه الصحيح والضعيف لا ينافي القول بأن الجميع مافيه حجة لأن الضعيف إذا صار حسنا لغيره يكون حجة ومن قال: إن فيه الموضوع حمل على ما في زيادات عبد الله وأبي بكر القطيعي.

وقد صنف الحافظ ابن حجر كتاب سماه (القول المسدد في الذب عن المسند) ذكر فيه الأحاديث التي حكم العراقي عليها بالوضع وأضاف إليها خمسة عشر حديثا مما ذكره ابن الجوزي وهي أربعة عشر حديثا في جزء سماه (الذيل الممهد).

هذا وقد تناول العلماء هذا المسند بالتصنيف عليه ما بين مختصر له وشارح ومفسر ومرتب ومن أحسنها: (الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني) الذي ألفه (أحمد بن عبد الرحمن البناء) الشهير بالساعاتي جعله سبعة أقسام أولها: قسم التوحيد وأصول الدين وآخرها: قسم القيامة وأحوال الآخرة: ورتبه على الأبواب ترتيبا حسنا وأتمه بوضع شرح عليه سماه (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) وهو اسم مطابق لمسماه فإنه مفيد جدا من الناحيتين الحديثية والفقهية والحمد لله رب العالمين.

أحمد بن حنبل:

هو الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي.

ولد سنة 164 في مرو ثم حمل إلى بغداد وهو رضيع وقيل ولد في بغداد نشأ يتيما وطاف البلاد والآفاق لطلب الحديث فسمع من مشايخ العصر في الحجاز والعراق والشام واليمن وعنى عناية عظيمة بالسنة والفقه حتى عده أهل الحديث إمامهم وفقيههم.

وقد أثنى عليه العلماء في عصرة وبعده فقال الشافعي: خرجت من العراق فما رأيت رجلا أفضل ولا أعلم ولا أورع ولا اتقى من أحمد بن حنبل وقال إسحاق بن راهويه: أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه, وقال ابن المديني: إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الردة وبأحمد بن حنبل رحمه الله يوم المحنة, وقال الذهبي: انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع وأجمعوا على أنه ثقة حجة إمام اهـ.

توفي في بغداد سنة 241 عن سبعة وسبعين عاما.

وقد خلف للأمة علما كثيرا ومنهجا قويما رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرا.

آداب العالم والمتعلم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير