وحديث القلادة، يدل على وجوب الفصل، فقد يُقال المراد الفصل المعنوي، بأن يعرف قدر كل منهما، وتكون مسألة مد عجوة.
وإمَّا أن يُقال: إنه الفصل الحسي، ومتى تعذَّر سقط وبقي المعنوي، وقد ذكر شيخ الإسلام أن هذا مقتضى المذهب، ومقتضى مذهب الشافعية، فيما يشقُّ فصله وتمييزه.
وأمَّا ربا النسيئة، فلو أنَّ الأخ الطارق بخير ينقل ما أخذ منه نسبة هذا القول لشيخ الإسلام، ولا أظنه إلا وهَمًا منه وفقه الله.
ـ[الطارق بخير]ــــــــ[31 - 03 - 03, 11:11 م]ـ
أخي الكريم (السيف الصقيل) أقدر فيك تواضعك، وموضوعيتك، ووضوح عبارتك.
- أما قولك: إنك تأتي على مائدتي للتعلم، فلا أظنك تجني من الشوك العنب، وفاقد الشيء - أعني به نفسي - لا يعطيه.
فمائدتي خاوية، ولذلك عرضت ما عرضته هنا لأستفيد من الإخوة.
وسأجيبك عن أسئلتك حسب فهمي القاصر، ولكن الإجابة ستكون توضيحا لاستفهاماتي، وأبقى في انتظار الجواب، منك، ومن الإخوة رواد المنتدى الأفاضل.
أما سؤالك الأول:
(الذهب المصوغ): هو الذي دخلته الصنعة، فصنع (صيغ) على هيئة معينة، ومنه الحلية التي تلبسها النساء، وضد المصوغ التبر، أي الذهب الذي لم تدخله الصنعة، ولم يشكل على شكل آنية، أو حلية أو غيرها.
أما الدراهم والدنانير فهي المضروبة، الدراهم من الفضة، والدنانير من الذهب، فهي مضروبة ليتعامل بها الناس في البيع والشراء.
أما السؤال الثاني:
أحب أن أنبهك أولا إلى أن عبارة: (ومعلوم بالضرورة أن أحدا لا يبيع المصوغ بوزنه، ومن فعل هذا فهو سفيه يستحق أن يحجر عليه) ليست هي من قولي، إنما هي من قول ابن تيمية - رحمه الله -.
أما معناها - حسب فهمي -: أن الذهب المصوغ لا يباع بوزنه من الدنانير، أو من التبر، بل لا بد أن يكون هناك فرق بينهما، لأن قيمة المصوغ لا تتساوى عند عاقل بقيمة المصكوك أو التبر، فوجب أن إذا بيع الذهب المصوغ بالتبر أو المصكوك أن يباع متفاضلا.
أما السؤال الثالث:
المراد أن المحرمات منها ما حرم لذاتها، ومنها ما حرم سدا لذريعة التوصل إلى غيرها،
وما حرم لذاته فإنه أغلظ مما حرم سدا للذريعة، فيشدد فيه أكثر، فمثلا: الزنا محرم لذاته، والنظر إلى المرأة حرم سدا لذريعة الزنا، فيشدد في الزنا ما لا يشدد في النظر،
فالنظر إلى المرأة يجوز للحاجة مثل العلاج، وإبرام العقود، والخطبة، ونحو ذلك،
بينما يحرم الزنا بكل حال.
والله أعلم.
أما السؤال الرابع:
فما نقلته إنما هو من كلام ابن تيمية - رحمه الله -، ويريد به - والله أعلم - بيان الحاجة الداعية إلى إباحة التفاضل في بيع الذهب المصوغ،
وذلك أنه لما قرر أن ربا الفضل حرم سدا للذريعة، وأن ما حرم سدا للذريعة يباح للحاجة،
أراد أن يبين الحاجة الداعية إلى بيع الذهب المصوغ بالمصكوك متفاضلا،
فبين أن بيع الذهب المصوغ مما يحتاجه الناس، وأنه لا يمكن أن يباع المصوغ بغير المصوغ (سواء كان مصكوكا أو تبرا) بنفس الوزن،
لأنهما لا يستويان، فلا بد أن يكون التبادل متفاضلا، فوجود الحاجة إلى التبادل بالتفاضل يُحلُّ ربا الفضل في المصوغ.
أما السؤال الخامس:
فأيضا القول ليس قولي، ولكنه معنى كلام ابن تيمية في الموضع المشار إليه،
ومضمونه - والله أعلم - ذكر علة تحريم التفاضل والنساء في الذهب والفضة،
فيستنبط شيخ الإسلام العلة بأنها كون الذهب والفضة قيما للأشياء،
بمعنى أنك إذا أردت أن تقوم بيتا - مثلا - فإنك تقول: هذا البيت بمائة دينار، فتقومه بالذهب - لأن الدينار كما سبق هو من الذهب -،
أو تقول: هو بألف درهم، وهذا تقويم بالفضة - لأن الدرهم كما سبق هو من الفضة -.
ولا تقول عن سعر البيت - مثلا - إنه بعشرة من الإبل، لأن الإبل لا تقوم بها الأشياء، لأن أسعارها ليست ثابتة، ولا هي متساوية في نفسها، فمنها الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والجيد والرديء .. الخ.
فميزة الذهب والفضة عن غيرهما من الأشياء أنهما قيم للأشياء، ولأجل هذه الميزة جعلها الشارع ربوية، أي لا يجوز بيعها بمثلها متفاضلا، ولا نسيئة.
فإذا خرج الذهب والفضة عن كونهما قيما للأشياء فإن ذلك التحريم يزول، وعليه فإن الذهب المصوغ لا يستعمل قيمة للأشياء، بل هو يحتاج إلى تقييم،
وعليه فلا يجري فيه الربا، فيجوز أن يتبادل بمثله متفاضلا، ونسيئة.
هذه نظرة شيخ الإسلام حسب فهمي.
وعرضت هذا لأني مقتنع به إلى حد كبير، وأريد الفائدة من إخواني، مع العلم بأن جماهير أهل العلم على خلاف هذا،
بل قد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على خلافه.
فمن كان له فضل علم فليعد به على من لا علم عنده، وجزيتم ألف ألف خير.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 04 - 03, 03:18 م]ـ
هذه المسألة تكلم عليها كذلك ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (2/ 143 - 149تحقيق الشيخ عبدالرحمن الوكيل) وكلامه هو نفس كلام ابن تيمية رحمه الله وفيما قالاه نظر
وقد كان شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله يرد هذا القول وبين خلال تعليقه على كتاب إعلام الموقعين في الطائف 24/ 2/ 1419 حكم هذه المسألة وقد قيدت هذه التعليقات على نسختي أثناء حضوري للدرس
قال رحمه الله (والصواب أنه لايجوز وهو قول الجمهور لحديث صاحب القلادة) انتهى
وقال عن القاعدة التي ذكرها ابن القيم (وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة) الصواب أن يقال بالنص أو للضرورة) انتهى.
¥