يعني مثلاً ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال عن معاذ بن جبل قال (يحشر أمام العلماء برتوه) أي بخطوة وهذا جاء من أربعة مراسيل بعضها يعضد البعض الآخر.
ومثل أيضاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في كتاب عمرو بن حزم (أن لا يمس القرآن إلا طاهرا)
هذا جاء بأسانيد متعددة مرسلة ومعضلة وبعضها يقوي البعض الآخر، فينبغي الانتباه إلى مثل هذا. انتهى.
قال يوسف ين هاشم اللحياني في (الخبر الثابت)
فصل
في المتابعة وتقوية الخبر
المتابعة تفيد تقوية الضعيف غير المنكر، بوروده من جهة أخرى صالحة للاعتبار، إن غلب على الظن أن تعدد الطرق يفيد صحته، وهي على قسمين:
الأول: تقوية لفظ الحديث، إذا كانت تلك الأسانيد لحديث واحد، وبذلك يكون الحديث صحيحاً، وكلما عظمت أهمية الحديث احتاج إلى متابعة قوية.
الثاني: تقوية معنى الحديث، بورود أحاديثأخرى بمعناه، ويكون المعنى صحيحاً، وهذا لا يفيد في تصحيح لفظ الحديث، ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
واعلم أن الذي يحتاج إلى متابعة ثلاثة أشياء:
الراوي الضعيف المعتبر به غير المتروك،
والحديث المرسل،
والشيخ حينما يكون تفرده منكراً ـ وسبق شرحه ـ والكل على درجات في الضعف أيضاً.
فأما الأول: وهو الضعيف الذي يقبل في الشواهد ولم يسقط، وذلك لجبر حديثه؛ فإن تفردات الضعفاء لا يحتج بها.
قال الجوزجاني: ومنهم الضعيف في حديثه غير سائغ لذي دين أن يحتج بحديثه وحده إلا أن يقوية من هو أقوى منه فحينئذ يعتبر به (2).
وقال: إذا كان الحديث المسند من رجل غير مقنع ـ يعني لا يقنع برواتيه ـ وشدّ أركانه المراسيل بالطرق المقبولة عند ذوي الاختيار، استعمل واكتفى به، وهذا إذا لم يعارض المسند الذي هو أقوى منه (3).
قال أبو عيسى الترمذي: كل من روي عنه حديث ممن يتهم بالكذب أو يضعف لغفلته وكثرة خطئه، ولا يعرف ذلك الحديث إلا من حديثه فلا يحتج به (4).
2) أحوال الرجال (33).
(3) جامع العلوم والحكم (2/ 210).
(4) العلل الصغير (742).
وقال: وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم، إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم، وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة فإذا تفرد أحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به، كما قال أحمد بن حنبل: ابن أبي ليلى لا يحتج به، إنما عنى إذا تفرد بالشئ، وأشد ما يكون هذا لم يحفظ الإسناد فزاد في الإسناد أو نقص أو غير الإسناد أو جاء بما يتغير فيه المعنى (1).
قلت: من تكلم فيه من جهة حفظه غالباً لا ينزلون عن درجة الاعتبار، وكلما اشتد ضعف الراوي في ضبطه احتاج إلى متابعة قوية، إلا إن جرح في عدالته فلا يعتبر به.
والثاني: المرسل، فإنه يحتمل أن يكون الساقط من سنده ويحتمل أن يكون ضعيفاً.
قال الشافعي: المنقطع مختلف؛ فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التابعين، فحدث حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتبر عليه بأمور:
منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمثل معنى ما روي كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه.
وإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك. ويعتبر عليه بأن ينظر: هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم عنه من غير رجاله الي قبل عنهم؟
فإن وجد ذلك كانت دلالة يقوى له مرسله، وهي أضعف من الأولى. وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قولاً له، فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح، إن شاء الله.
وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولاً ولا مرغوباً عن الرواية عنه، فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه.
ويكون إذا شرك أحداً من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه.
¥