بل كيف وكثير من الأئمة الذين رأوا أبا حنيفة وعاصروه قد أثنوا عليه أعطر الثناء _ أي في فقهه وصلاحه لا في حفظه _ وثناء المعاصر على قرينه المخالف له في المذهب عزيز وقبوله أولى من قبول ذم المعاصر، رحم الله الجميع.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[31 - 03 - 03, 08:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ههنا أمور أجملها لعدم التفرُّغ لبسطها؛ لكن عسى الله أن ييسِّر تفصيل الكلام فيها أكثر، وهي:
1 - أنَّ كلام الأئمة على ابي حنيفة رحمه الله وطعنهم في رأيه وتجهُّمه ثابت لا مرية فيه.
2 - قد استتيب أبا حنيفة من التجهم و القول بخلق القرآن وغيرها من البدع التي كان يقول بها.
3 - كلام معاصري أبي حنيفة فيه مقبول؛ خاصة من أئمة؛ كسفيان الثوري و ... و ...
وردُّ كلام هؤلاء الأكابر بحجة الحسد والغيرة و كلام الأقران ... = رد غير سديد، ففيه طعن على هؤلاء.
فنحن لندافع عن عرض شخص لا يسوغ الطعن في أعراض طائفة مخالفين له، ونرميهم بأنهم حسدة أو قالوا كلاماً صادراً من منبع الغيرة.
* وههنا ملحظ مهم في علم الجرح والتعديل عموماً؛ وهو: أنَّ كلام القرين لايردُّ مطلقاً في قرينه؛ إذ لو لم نقبل كلام القرين في قرينه، وهو أدرى الناس به، وحال كونه أورع من الخوض بالباطل في عرضه، فكيف نعرف حاله إذن؟ هل سنعرفه من كلام المتأخرين عنه؟!
4 - قد قضى أبو حنيفة إلى رحمة الله وأفضى إلى ما قدَّم، وكتب الله لفقهه القبول في الأرض؛ فلا فائدة ولا مصلحة شرعية في الطعن فيه أو نقل كلام غيره فيه!
* وكلام الأئمة وتحذيرهم من بدعه ورأيه وتقديم ذلك على النص كان في ذلك الزمان، وقد مضت المصلحة الآن.
لكن بقي التحذير من بعض أصول مذهب أصحابه، وغيرهم مما قد يصادم الكتاب والسنة ويقضي على نصوصها بالإعراض.
5 - مما يؤكد ما تقدَّم وهو أولى من أصل الموضوع الملحظ الهام: وهو عدم نقل الأئمة لكلام أبي حنيفة في كثير من مسائل العقيدة.
وكأنه لم يقل شيئاً فيها؟!
وانظروا كتب السنة والرد على الجهمية وغيرها لا يكاد يوجد كلام منقول عنه رحمه الله فيها.
إلاَّ مسائل قليلة لم ينقل عنه الخلاف فيها.
6 - أما من جهة ضبطه وحفظه في الحديث؛ فهو ضعيف الحفظ في الحديث، فأي إسناد روي من جهته فهو ضعيف بضعفه.
أخيراً ... رحم الله أبا حنيفة وعفا عنه، ولسنا كلنا من يقوم بالحق الذي قام به، ولا نحن نسوى طرف أنملته في الفضل والسبق.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[31 - 03 - 03, 08:21 م]ـ
أين ثبت تجهم أبي حنيفة يا أبا عمر؟
ما ثبت عند أحمد أنه يقول بخلق القرآن.
ـ[بو الوليد]ــــــــ[02 - 04 - 03, 02:09 ص]ـ
قد ذكر عبد الله بن الإمام أحمد آثاراً كثيرة في الجزء الأول من كتاب السنة له عن كبار الأئمة في أبي حنيفة.
وقد بدأ ترقيم هذه الآثار في الطبعة التي بين يدي (رمادي للنشر) بالرقم 227 وانتهت بالرقم 410 وعليكم الحساب، وهي من أقوال كبار علماء السلف كمالك والأوزاعي وحماد بن زيد والأعمش وشريك والثوري وابن المبارك ووكيع والإمام أحمد وغيرهم، وأغلبية هذه الآثار صحيحة صريحة لا يمكن تأولها أو تعليلها كما حاول ذلك كثيراً المحقق للطبعة الشيخ الدكتور محمد سعيد القحطاني، فقد بدى متذمراً من هذه النقول، ومنها على سبيل المثال:
318 - حدثني إبراهيم نا أبو صالح محبوب بن موسى الفرا عن يوسف بن أسباط قال: قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأخذ بكثير من قولي.
قال الشيخ محمد:
ما دام أن يوسف بن إسباط يغلط كثيراً فلماذا لا تكون هذه من غلطاته إذ من المعلوم والبديهي أنه ما من مسلم في قلبه ذرة من إيمان يجترئ أن يقول هذا الكلام.انتهى.
ثم قال في التخريج: إسناده ضعيف.
قلت: وكأنه أعله بيوسف حيث ذكر في ترجمته بعض أقوال العلماء فيه، ثم نسي بعد ذلك وحسن الإسناد في أثر آخر برقم 397 من طريق أبي صالح عن يوسف بن إسباط.
وفي رقم 284 أثر عن سفيان الثوري صح بغير ما طريق قال فيه: كان أبو حنيفة نبطياً استنبط الأمور برأيه.
فقال الشيخ معلقاً: وما دخل النسبة في عمل الرجل؟
وعلق على نحوه برقم 288، فقال: ترى هل العبرة بالأحساب والأنساب أم بالتقوى والصلاح؟ .. ثم ذكر كلاماً، ثم قال: وهذا من المعلوم بالاضطرار في الشريعة الإسلامية.
قلت: أساء فهماً فأساء قولاً، وهل يظن بسفيان هذا القصد؟!
أم أن سفيان الثوري لا يعلم ما هو معلوم بالاضطرار؟!
*
*
*
وفي الحقيقة إن الشيخ اقتحم مرتقىً صعباً بتحقيقه لهذا الكتاب وله مغالطات كبيرة، وأخطاء كثيرة، وتأول متعسف، وفهم عجيب لعبارات العلماء، خصوصاً في الكلام على أبي حنيفة، تتبع كثيراً منها شيخ مالكي في مذكرة قرابة المائة صفحة، وهي غاية في الحسن والروعة، اطلعت عليها قبل فترة، وليست لدي الآن، والله المستعان.
المهم أن الكلام على أبي حنيفة ليس في باب الفقه فقط، بل في أمور عقدية، تواتر على ذكرها عنه الأئمة الأعلام الورعون الكرام.
¥