تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضاً فلا يلزم أن يكون وجود هذه في الأزل صفة كمال، بل الكمال أن توجد حيث اقتضت الحكمة وجودها.

وأيضاً فلو كانت أزلية لم تكن موجودة شيئاً بعد شيء.

فقول القائل فيما حقه أن يوجد شيئاً بعد شيء: "فينبغي أن يكون في الأزل" جمعٌ بين النقيضين، وأمثال هذا كثير"."مجموع الفتاوى"6/ 85

الأمر الثاني: كون الكمال كمالاً مطلقاً احترازاً من ما هو كمال من وجه دون وجه،"وهو ما كان مستلزماً لإمكان العدم عليه المنافي لوجوبه وقيوميته، أو مستلزماً للحدوث المنافي لقدمه، أو مستلزماً لفقره المنافي لغناه"كالأكل والشرب؛ فإنهما كمال في حق المخلوق؛ فإن الصحيح الذي يشتهي الأكل والشرب من الحيوان أكمل من المريض الذي لا يشتهي ذلك؛ لأن قوامه بهما، ولكن هذا يستلزم حاجة الآكل والشارب إلى غيره-وهو ما يدخل فيه من الأكل والشراب-،ومستلزم لخروج شئ منه كالفضلات، وما لا يحتاج إلى دخول شيء فيه أكمل من من يحتاج إلى دخول شيء فيه، وما يتوقف كماله على غيره أنقص مما لا يحتاج في كماله إلى غيره؛ فإن الغني عن الشيء أعلا من الغني به، والغني بنفسه أكمل من الغني بغيره. انظر:"مجموع الفتاوى"6/ 87.

-الأدلة على إثبات الكمال لله-تعالى-.

-دل على ثبوت الكمال الممكن المطلق لله-تعالى-في أسمائه وصفاته وأفعاله النقل والعقل والفطرة:

أما دلالة النقل فمن عدة أوجه:

الوجه الأول: أن الله-تعالى-وصف أسماءه بأنها حسنى في أربعة مواضع من كتابه؛ فقال-تعالى-:"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" [الأعراف:180]،وقال-تعالى-:"قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى" [الإسراء:110]،وقال-تعالى-:"الله لاإله إلا هو له الأسماء الحسنى" [طه:8]،وقال-تعالى-:"هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى" [الحشر:24].

و"الحسنى"تأنيث الأحسن كـ"الفضلى"و"المثلى"و"الكبرى"تأنيث الأفضل والأمثل والأكبر، وهي"صفة مفردة لموصوف مجموع، وأنث لتأنيث الجمع".

انظر:"إملاء ما من به الرحمن"ص289،"معالم التنزيل"1/ 133،"الجامع لأحكام القرآن"7/ 285، 11/ 170.

"وتقديم المجرور في قوله:"لله الأسماء الحسنى"للاختصاص، أي: لا لغيره؛لأن غيره:

إما أن يكون اسمه مجرداً من المعاني المدلولة للأسماء مثل الأصنام.

و إما أن تكون حقائقها فيه غير بالغة منتهى كمال حقيقتها كاتصاف البشر بـ"الرحمة" و"الملك".

و إما أن يكون الاتصاف بها كذباً لا حقيقة كاتصاف البشر بـ"الكبر"؛إذ ليس أهلاً للكبر،والجبروت و العزة".

انظر:"التحرير والتنوير"1/ 2630.

وجاءت هذه اللفظة على صيغة التفضيل معرَّفةً بالألف واللام، أي: لا أحسن منها بوجه من الوجوه، بل لها الحسن الكامل التام المطلق.

انظر:"الصواعق المرسلة"4/ 1443،وانظر4/ 1510.

قال الشوكاني-رحمه الله-:"ومعنى حسن الأسماء استقلالها بنعوت الجلال والإكرام"ا. هـ."فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير"3/ 379.

وقال البيضاوي-رحمه الله-:"وفضل أسماء الله-تعالى-على سائر الأسماء في الحسن لدلالتها على معانٍ هي أ شرف المعاني وأفضلها"ا. هـ."تفسير البيضاوي"1/ 41.

وقال أبو السعود-رحمه الله-:"و"الحسنى"تأنيث الأحسن، أي: الأسماء التي هي أحسن الأسماء وأجلها لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها"ا. هـ."إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم"3/ 296،وانظر 8/ 234،"روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني"9/ 120.

وقال ابن عاشور-رحمه الله-:"ووصف الأسماء بـ"الحسنى"لأنها دالة على ثبوت صفات كمال حقيقي:

أما بعضها فلأن معانيها الكاملة لم تثبت إلا لله نحو "الحي"و"العزيز"و"الحكيم"و"الغني".

وأما البعض الآخر فلأن معانيها مطلقاً لا يحسن الاتصاف بها إلا في جانب الله نحو"المتكبر" و"الجبار"لأن معاني هذه الصفات وأشباهها كانت نقصاً في المخلوق من حيث إن المتسم بها لم يكن مستحقاً لها لعجزه أو لحاجته، بخلاف الإله لأنه الغني المطلق؛ فكان اتصاف المخلوق بها منشأ فسادٍ في الأرض، وكان اتصاف الخالق بها منشأ صلاحٍ لأنها مصدر العدالة والجزاء القسط"ا. هـ."التحرير والتنوير"1/ 1678.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"وليس في أسمائه الحسنى إلا اسم يمدح به؛ ولهذا كانت كلها حسنى.

و"الحسنى"بخلاف السوأى؛ فكلها حسنة"ا. هـ."منهاج السنة النبوية"5/ 409،وانظر"شرح العقيدة الأصفهانية"ص107.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير