ـ[العزيز بالله]ــــــــ[13 - 12 - 02, 07:11 ص]ـ
أخي التلميذ: وفقنا الله وإياه للصواب:
جوابي في هذه النقاط:
أولاً: عرضك مقبول بلا شك، وكان جوابي عاماً حتى أفسح المجال للآخرين للمشاركة في الحوار من باب الفائدة أسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يجري الحق على لسانك وبنانك.
ثانياً: إنما قدمت سؤالي لفهم الغرض المنتصب أمام من يؤصل لهذا التفريق نظراً أم تطبيقاً.
ثالثاً: قلت حفظك الله: (في ضوء ما تقدم يتبيّن لنا أنهما منهجان اثنان، بينهما اتفاق كبير، واختلاف لا يصح التغافل عنه)
فأنت تقول بينهما اتفاق كبير واختلاف لا يصح التغافل عنه، ومع أن لنا وقفة مع هذا الاختلاف لكن سأفترض وجوده حقيقياً متميزاً، فهل الاختلاف الأقل كما أظنك تقر به يكفي ليتميز منهجان داخل منظومة واحدة؟
بمعنى أن اختلاف مجموعة من المحدثين عن باقيهم في مسائل قلة يكفي لتمييزهم بمنهج مستقل؟
لذا أقول: صحيح إن ثلة من المتأخرين في تصرفاتهم يخالفون المتقدمين لكن ذلك في رأيي لا يكفي ليكونوا منهجاً مستقلاً، لأنهم يتفقون مع المتقدمين في الخطوط العامة لهذا العلم.
بل المتقدمون أنفسهم وجد بينهم خلاف في مسائل معينة ومع هذا لم يُصنفوا كمنهج مستقل.
إلا إذا قلت: إن مواطن الاختلاف أكثر من مواطن الاتفاق، وهذا لم أقرأه لأحد ممن كتبوا في هذا الباب.
رابعاً: أنت نقلت عن الحافظ وسوف نأتي لنقول عن الأئمة لاحقاً لكن مؤقتاً أقول: كلام الحافظ فيه تزكية للمتقدمين لكن تلمح فيه الكلام عن مواهبهم وصفاتهم الشخصية من الذكاء والاجتهاد والحرص ونحو ذلك مما لا يشكل منهجاً بالمعنى العلمي للمنهج بعكس ما يمثل الخيرية المعروفة في العلوم الشرعية للمتقدمين وتميزهم في القرب من الصواب والبعد عن ملوثات العلوم الّتي دخلت على من بعدهم.
وفي ظني أن سائر كلام الأئمة الّذين يُستدل بكلامهم تدور حول هذا المعنى: إلاّ القليل مما لا يكفي لتمييز المتقدمين عن المتأخرين بمنهج مستقل.
خامساً: ثمراتك التي أدليت بها نعم الثمرات وأنا أوافقك من حيث ذاتها، لكن السؤال الّذي يطرح نفسه: هل هي راجعة لكونهما منهجين مختلفين: أم إلى كونهما تطبيقين مختلفين؟
أنا أرجح الثاني: فالمتأخرون يميلون إلى جانب التساهل في التدقيق والتحليل والمقارنة ولذلك يلجؤون إلى حرفية قواعد المصطلح وتطبيقها، فلا يولون بعض العلل والضوابط حظها من النظر كما كان يفعل المتقدم، إذن هم لا ينكرونها وإنما يتساهلون فيها.
وليس هذا مقتصراً على هذا العلم، بل انظر إلى الفقه وكيف اعتمد المتأخرون من الفقهاء على المتون الفقهية وعطلوا التفقه والنظر في المدارك الشرعية، وهذا راجع إلى القصور في المهارات والصفات والركود العلمي لا إلى المنهج.
سادساً: كتب المصطلح في رأيي حلقة في تاريخ هذا العلم، فأنت تعلم أن كل العلوم مرت بمراحل تبليغ ثم تدوين ثم تمحيص ثم تقعيد وهكذا، وأنت تعلم أن الّذي قعدوا العلوم لم يقصدوا أن تكون مصدر تطبيق مطرد، بل قواعد النحو كما تعلم قد تُخالف في التطبيق، وقواعد الفقه لها استثناءات.
وكذلك قواعد المصطلح يُراد منها ضبط أصول العلم للمبتدىء ليتصوّر العلم مجملاً، خصوصاً أنّ بعد عصور الرواية أصبح الاهتمام منصباً على الانتخاب والتمييز مما يعني أهمية القواعد الاصطلاحية في بدء الطلب، وهي في مجملها مُستقاة من تصرفات المتقدمين وأحكامهم وألفاظهم.
لكن حين التطبيق والاطلاع على كلام الأئمة وسبر الكتب والمرويات والاطلاع على أعمال الأئمة متقدمهم ومتأخرهم تبرز الحاجة للذوق الخاص والنظر الخاص والمقارنة والتحليل، وتتكون الملكة الّتي يتمكن بها الممارس لهذا العلم من الخروج عن القاعدة لمعنى يقتضيه البحث العلمي.
وهذا الذي قلته لا يقتصر على هذا العلم بل حتى الفقه ولشيخ الإسلام كلام في هذا المعنى لا يحتمل الحال نقله والتوسع فيه.
وعلى هذا فإنّ الثمرة الرابعة وجيهة جيدة، لكن ذلك يرجع إلى الفرق في التطبيق أكثر منه في التأصيل.
سابعاً: ملحظاك عليهما ملحظان:
الأول: سديد وما ذكرته كاف في بدء الحوار.
¥