تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال وكذلك الحافظ زين الدين العراقي في كتابه التبصرة فقد جعلاها في المرتبة الثالثة.

وحيث إن الحافظ ابن حجر في كتابه التقريب قد ضم إلى مراتب التعديل طبقة الصحابة فقد جعل أهل هذه الدرجة في المرتبة الرابعة.

وقد أضاف الحافظ السخاوي إلى مراتب الجرح والتعديل كثيراً من الألفاظ وبذلك وضع حديث الصدوق في المرتبة الخامسة.

ثالثاً: اتضح بما تقدم أن لفظ (صدوق) من ألفاظ التعديل، فالموصوف بها عدل في نفسه.

لكن اختلف قول أهل العلم في الاحتجاج بحديثه، فبعضهم يرى أن حديثه حجة، وبعضهم يرى أن حديثه يكتب وينظر فيه لمعرفة هل حفظ هذا الحديث بخصوصه فيحتج به أو لم يحفظه فلا يحتج به.

فمثلاً: الإمام الحافظ عبدالرحمن بن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل قال:

(وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى:

1_ فإذا قيل للواحد: إنه ثقة، أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه.

2_ وإذا قيل له صدوق أو محله الصدق أو لابأس به، فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه).

وأما الإمام الحافظ أبوعمرو بن الصلاح فقد وافق ابن أبي حاتم في شأن حديث الصدوق من حيث إنه يكتب حديثه وينظر فيه.

قال ابن الصلاح في مقدمته:

(بيان الألفاظ المستعملة من أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل، وقد رتبها أبومحمد عبدالرحمن بن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل فأجاد وأحسن، ونحن نرتبها كذلك).

ثم أورد ما تقدم ذكره عن ابن أبي حاتم ثم قال في تعليل عدم الاحتجاج بحديث الصدوق ومن في حكمه:

(لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط، فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه).

وقد تابع ابن الصلاح فيما ذهب إليه طائفة من الأئمة الحفاظ المصنفين في علوم الحديث مثل النووي وزين الدين العراقي والسخاوي والسيوطي.

وذهب طائفة من الأئمة الحفاظ كالذهبي وابن حجر إلى الاحتجاج بحديث الصدوق ومن في حكمه.

ففي خطبة كتاب ميزان الاعتدال قال الحافظ الذهبي:

(أعلى الرواة المقبولين: ثقة حجة، وثبت حافظ

ثم ثقة

ثم صدوق، ولا بأس به وليس به بأس).

وفي بيان الحافظ ابن حجر للحديث الشاذ ذكر أن المحدثين يفسرونه بمخالفة الثقة من هو أوثق منه.

ثم قال: (والشاذ راويه ثقة أو صدوق).

وكذلك فإن الأستاذ العلامة أحمد محمد شاكر قد أخذ بهذا القول، حيث إنه ذكر أن حديث الصدوق ومن في حكمه صحيح من الدرجة الثانية.

يتبع:

ـ[ابن معين]ــــــــ[17 - 12 - 02, 03:08 م]ـ

رابعاً: القول الراجح في هذه المسألة:

القول الراجح لدي في هذه المسألة أن حديث الصدوق حجة، لأدلة من أهمها:

الدليل الأول:

أن لفظ صدوق من حيث اللغة يطلق على من تحقق فيها أمران:

أحدهما .. أن يكون صادقاً فيما يخبر به، بمعنى أنه حافظ لما يحدث به.

الثاني .. أن يكون خبره مطابقاً لاعتقاده، وإلا كان كاذباً فيما يقول، وإن كان خبره في نفسه حقاً.

وذلك مثل المنافق الذي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهذا الخبر حق في نفسه، لكنه كاذب في قوله لأنه لا يعتقد ذلك بقلبه.

وتقدم قول الراغب الأصفهاني:

(الصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معاً).

بل إن بمقارنة لفظة (صدوق) مع لفظة (ثقة) نجد أن مادة (وثق) لم تأت في القرآن الكريم بمعنى الصدق في القول، أو التثبت في نقل الأخبار.

بل أكثر ورودها بمعنى العهد.

كما في قوله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به) ز

وقوله تعالى: (حتى تؤتون موثقاً من الله).

وقوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل).

وورد استعمال (وثق) في بعض المواضع بمعنى ما يوثق به الشيء من حبل ونحوه، كما في قوله تعالى: (فشدوا الوثاق)، وقوله تعالى: (ولا يوثق وثاقه أحد).

وبالجملة فإن مادة (صدق) وما يشتق منها أكثر استعمالاً في خطاب الشارع من (وثق).

بل إن لفظة (صدوق) أقوى دلالة على غاية التثبت في القول من صيغة (ثقة) وذلك من حيث اللغة، ومن حيث استعمال الشارع.

لكن المحدثين في اصطلاحهم أكثروا من استعمال لفظة (ثقة) وجعلوها لقباً للراوي الذي بلغ مرتبة عالية من الضبط والاتقان.

الدليل الثاني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير