وعلى هذه الأحوال الثلاث تدور معظم المصطلحات في التصحيح والتحسين والتضعيف. وباختلافها يحتلف الحكم على الحديث، ولذا قال بعض المحققين من المتأخرين كالحافظ ابن رجب وابن حجر وغيرهما إن الحكم على الحديث ليس تابعا لأحوال الرواة.
ومع ذلك جاءت تعريفات هذه المصطلحات في كتب المصطلح عموما بحيث يفهم القاريء المستعجل أن الأحكام تابعة لأحوال الرواة. وقد شرحنا ذلك بشيء من التفصيل في الكتاب (علوم الحديث في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد). والله تعالى أعلم.
س38/ التسلسل الزمني للدعوة لهذا المنهج، فالمعلوم أن من أوائل من دعا إليه هو (ابن رجب) ثم تلاه من بعده كـ (المعلمي) و (الغماري). فما قبل (ابن رجب) و ما بعده _ فيما بينه و بين التالين له _ هل من داعٍ لهذا المنهج؟
ج/ هذا يحتاج إلى دراسة استقرائية.
س39/ منهجية جمع الأسانيد و المقارنة بينها و استخراج النتيجة من تلك المقارنة حولها مسائل:
الأولى: من هو المؤهلُ لتلك المهمة؟
الثانية: قواعد الخوض في تلك المهمة؟
ج/ المؤهل هو حافظ الأحاديث أو المطلع عليها، على الصورة التي سبق ذكرها آنفا عند الإجابة عن السؤال رقم 37، وإلا سيكون مضطرا للاعتماد على ظواهر السند، والقواعد التي يعول عليها هذا الباحث غير المؤهل لا تكون إلا شكلية؛ ترجع في حكمه على الحديث إلى أحوال الراوي.
س40/ جهود المتأخرين كـ (العراقي) و (ابن حجر) و (السخاوي) و غيرهم ما مدى عناية الداعين لهذا المنهج بها؟
و مما لا شك أنهم حازوا قصب السبق في التحرير للحديث و أصوله لم يدرك درجتهم من تلاهم. أرجو منكم التكرم بالإجابة عن هذه الأسئلة بنوعٍ من التفصيل. و الله يحفظكم و ينفع بكم.
ج/ حفظنا الله وإياكم من سوء الفهم والانفعال، وسدد خطى الجميع.
الذين يدعون إلى منهج المتقدمين إنما وصلوا إلى ذلك عبر جهود هؤلاء الأئمة المحققين، وهم الذين نقلوا لنا ذلك المنهج، بل كانوا يدعون إلى الاستفادة من منهجهم الرائع في تحقيق التراث وحفظه من تصحيف وتزوير وانتحال، كما يفهم ذلك كل منصف يقرأ ما كتب في ذلك من الأبحاث والكتب.
وهنا أود أن ألفت الانتباه إلى ضرورة الفصل بين المصدر الأصيل والمرجع المساعد في علوم الحديث، وعدم الخلط بينهما بأي حال من الأحوال، وبالتالي يرى الباحث ضرورة ملحة في عرض ما وجد في المرجع المساعد على المصدر الأصيل إذا وقع إشكال أو غموض حول مسألة من المسائل، وذلك من أجل التأكد من مدى صواب ذلك، وأما إذا لم يفصل بين المصادر، وخلط بينها فإنه لا تخطر على باله أبدا أهمية عرض كلام المتأخرين على كلام المتقدمين أو عملهم التطبيقي.
وأما الفصل بينهما فيما يخص الحديث وروايته فلا يختلف فيه إثنان ممن لديهم علم وخبرة في هذا المجال؛ فما أورده الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين مثلا لا يعد مصدرا أصيلا في التخريج.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[14 - 01 - 03, 09:43 م]ـ
س41/ يقول الشافعي في الرسالة "والعلمُ به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه، لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيءٌ فإذا جُمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن، وإذا فُرّق علم كل واحد منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم ما كان ذهب عليه منها موجوداً عند غيره.
وهم في العلم طبقات منهم الجامع لأكثره، وإن ذهب عليه بعضه، ومنهم الجامع لأقلَّ مما جمع غيره.
وليس قليلُ ما ذهب من السنن على من جمع أكثرَها: دليلاً على أ نيُطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم، بل يُطلب عن نظرائه ما ذهب عليه حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله - بأبي هو وأمي - فيتفرَّد جملة العلماء بجمعها، وهم درجات فيما وَعَوا منها." ألا يصلح قوله هذا ليكون قاعدة في تضعيف الحديث؟؟ بحيث إذا لم نجد الحديث عند أحد في تلك الطبقة فلا نحكم عليه بالصحة و إن جمع شروطها. و هو يقارب ما قاله ابن الصلاح في الفائدة الثانية.
¥