تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ج/ صحيح، وقد فكرت في هذا المصطلح (المحدثون والفقهاء)، وقد طلب مني إطلاق ذلك بعض أصدقائي في الجزائر، لكني - مع أنه لا مشاحة في الاصطلاح - أردت أن أحافظ على سمعة المحدثين النقاد بإمامتهم في الفقه وأصوله على تفاوت مراتبهم في ذلك، بما تيسر لنا من الوسائل والمصطلحات، ولو أطلقنا هذا المصطلح الذي ذكرتَه ثم رسخ ذلك في أذهان الناس سوف يؤدي لا محالة إلى أن يتصور الناس أن المحدثين ليسوا فقهاء، ولذلك آثرت ما ألفنا في الكتب من مصطلح (المتقدمون والمتأخرون) مع توضيح المقصود به، وهو كما نقلته من الموازنة. والله تعالى نسأل أن يرشدنا إلى الصواب، ويجنبنا الخطأ، ويقينا من شره، اللهم آمين.

س60 / هل المرسل (عن ابن المسيب) يقوي رواية عن راو قال فيه الإمام أحمدأحاديثه أحاديث مناكير، وقال ابن حبان يروي نسخة كأنها موضوعة (حديث من قرأقل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة).

ج/ لا يقوي تلك الرواية إذا كانت منكرة، يعني بذلك أنه إذا كان هذا الراوي المنكر قد أضاف الحديث إلى شيخه خطأ، وهذا الخطأ الذي وقع منه في الرواية لا يمكن جبره بمرسل سعيد بن المسيب مرسلا، لأن المفروض أن يروي هذا الراوي ذلك الحديث مرسلا عن سعيد كما يروي الناس، غير أنه اختلط عليه، فأضافه إلى شخص آخر بدل أن يضيفه إلى سعيد المسيب مرسلا. ومثل هذا الأمر لا يتضح إلا بالمثال مع ممارسة منهج القوم.

س61 / أعلَّ الإمام أبو حاتم روايةً (للأوزاعي عن عطاء) حيث نص على أن الأوزاعي لم يسمع هذا الحديث من عطاء بل بينهما رجل،، وقال البيهقي جود إسناده الراوي عن الأوزاعي ... فهل نرد قول أبي حاتم بهذا الكلام من البيهقي رحمهما الله تعالى علما أن السخاوي في فتح المغيث (1/ 214) ط العلمية قال (وأما القدماء فسموه تجويدا حيث قالوا: جوّده فلان، وصورته أن يروي المدلس حديثا عن شيخ ثقة بسند فيه راو ضعيف فيحذفه المدلس من بين الثقتين الذي لقي أحدهما الآخر، ولم يذكر أولهما بالتدليس، ويأتي بلفظ محتمل فيسوي الاسناد كله ثقات) وقد قال الأخ (الدرع): (جوده بشر بن بكر) فليس مراده من (جوده) أنه جيد، بل قصده أنه (رواه موصولاً) فبشر بن بكر وصل الحديث فذكر (عبيد بن عمير) بينما هو مقطوع كمارواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ولم يذكر (عبيد بن عمير) ولهذا قال الإمام الطبراني في الأوسط (لم يروه عن الأوزاعي - يعني موصولاً - إلا بشر ... ) وكلام الأخ (الدرع) هو الذي تبين لي من خلال تتبع كثير من إطلاقات أهل العلم لهذا المصطلح (جوّده)، حيث إنهم لا يقصدون به الصحة، بل يريدون الوصل، وهم لا يريدون التسوية أيضا، كما قال السخاوي رحمه الله تعالى. وهل نقبل إعلال أبي حاتم ذلك أم نطالبه بالاسناد الذي فيه الواسطة (كما يقول بعضهم)؟

ج/ ما قاله الأخ الدرع (ولله دره) حق لا مرية فيه، وبهذا لا يوجد تناقض بين قول الإمام أبي حاتم وقول البيهقي، وأما سؤالك – حفظك الله وسدد خطاك – عما أعله أبو حاتم هل نقبل ذلك أم نطالبه بالإسناد، فجوابه ما قال الحافظ ابن حجر وغيره من أئمتنا المتأخرين: (’’…فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعي مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول: وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث‘‘ (انظر النكت 2/ 721 واختصار علوم الحديث ص: 64).

وقال السخاوي ’’ .. ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث، كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر، لا ينكر عليهم، (يعني نقاد الحديث القدامى) بل يشاركهم، ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة. هذا مع اتفاق الفقهاء على

الرجوع إليهم في التعديل والتجريح كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعن، فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين‘‘. فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك (إن شاء الله) معرفة السنن النبوية ولا قوة إلا بالله‘‘ (فتح المغيث 1/ 274).

س62 / هناك نقطة مهمة يغفل عنها الكثير من العلماء الذين عرفوا منهج المحدثين الصافي من أكدار أهل الكلام ألا وهي: لماذا لا يكون لكم عمل على كتب السنة تصحيحا وتضعيفا وفق هذه القواعد التي نعلم أنها هي الصواب. فالتقعيد النظري مهم جدا ولكن لا بد من التطبيق العملي حتى يتبين للناس المغالطات الموجودة في كثير من الكتب المحققه باسم المحدثين وهي تخالف كثيرا من قواعد المحدثين الحقيقيين؟

ج/ خدمة السنة تتوقف على المجتمع، ولا يقدر فرد أن يقوم بجميع وظائفها،ولكل منا دوره قدر المستطاع، وأما نحن وبفضل الله تعالى وحده بعد ادراك خطورة المشكلات العلميه التي نعاني منها اليوم وبعد تشخيصها قمنا بمعالجتها من خلال توضيح القواعد وتأسيسها بأبعادها الحقيقية و بعد ذلك يكون الجانب التطبيقي محترما لدى المنصفين وقد نوفق بأداء هذه المهمة أو يوفق غيرنا من طلاب العلم.

وأنت ترى كيف يشغلنا بعض الناس عن توجهنا نحو التطبيق العملي بإثارة مشكلات حول ذلك المنهج الذي انتهجه النقاد، دون أن يقرؤا ما كتب في ذلك من الأبحاث والكتب، أو يناقشوننا في البراهين التي اعتمدناها، ولذلك قلت إن خدمة السنة عمل جماعي، ولكل دوره، وحتى اعتراض المعترضين أراه دورا فاعلا في سبيل الخدمة، وكل ذلك بأجره عند الله حسب النية، وفقنا الله تعالى وإياكم للإخلاص في العمل، وأن يجنبنا جميعا ما يفسد عملنا، والله ولي التوفيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير