تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا وقد اشتهر عن شعبة قوله بأن الحديث الذي ليس فيه حدثنا وأخبرنا خل وبقل. أورده الأئمة في كتبهم في مناسبة كلامهم عن الإسناد وأهميته. يعني بذلك أن الحديث بدون سند ليس بشيئ، وعليه فقوله الأول خاص بالإسناد المنعنعن، والقول الثاني يكون حول الإسناد وأهميته عموما. ويمكن أيضا أن يكون قصده بالقولين واحدا، وعليه فإنه قد رجع عنه وقال إنه حديث فيما رواه ابن عبد البر. والله أعلم.

ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[28 - 02 - 03, 03:20 م]ـ

س72/ ما قولكم ـ بارك الله فيكم ـ فيمن يقول: أن تعليل الأئمة لا يُقبل حتى يكون مُفسّراً. ويردّ بطريقته هذه كثير من تعليلات الأئمة.

ج/ قد يكون ذلك جهلا من القائل، أو تعصبا لرأي يتأيد بذلك الحديث الذي أعله النقاد. وأياكان دافع هذا القائل فإن قوله ذاك مستفز لشعور من يعرف منهج المحدثين، بل مضحك مبك في آن واحد لغرابته وجرأته وغروره بالنفس، والأغرب من ذلك أن بعضهم يرد بذلك على النقاد حين يبينون سبب التعليل - كالتفرد والغرابة مثلا- غير أن هذا القائل لم يكن منتبها لحقيقة قصدهم بذلك السبب، ولا فاهما لأبعاده النقدية.

ومن المعلوم أن طلب السبب واستفسار الوجه إنما يعقل إذا أغرب الناقد برد حديث صححه غيره من النقاد، أو بتصحيح حديث أعلوه، أو إذا أصدر الحكم من لم يكن من أهله، وأما في غير ذلك فيعد تلاعبا بكلام القوم دون أن يشعر.

يقول الحافظ ابن حجر: ’’…فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه، وهذا الشافعي مع إمامته يحيل القول على أئمة الحديث في كتبه فيقول: وفيه حديث لا يثبته أهل العلم بالحديث (النكت 2/ 711).

ويقول السخاوي في نوع "الموضوع": فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح اهـ (فتح المغيث 1/ 237)

ويقول أيضا في مناسبة تعليقه على شرح أبي حاتم منهج النقاد في معرفة صحيح الحديث وضعيفه: ’’وهو أمر يهجم على قلوبهم، لا يمكنهم رده، وهيئة نفسانية، لا معدل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث، كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر، لا ينكر عليهم، بل يشاركهم، ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة‘‘ (فتح المغيث 1/ 274).

ويقول الحافظ ابن كثير: ’’أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلما من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم، واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصفوا بالإنصاف والديانة، والخبرة والنصح، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكا أو كذابا، أو نحو ذلك. فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في مواقفهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم‘‘ (اختصار علوم الحديث ص: 79)

س73 / قرأتُ لأحدهم قوله: أن الحديث لا يكون شاذاً إلا عند المخالفة، فماقولكم.

ج/ لم يصب هذا القائل، لأن الشاذ عند المحدثين النقاد هو الغريب الذي لا أصل له – سواء تفرد به الثقة أو غيره – وقد نقل عنهم ذلك الحافظ الخليلي، وحتى الإمام الشافعي يقول: فعليك من الحديث بما تعرفه العامة وإياك والشاذ منه (الأم 7/ 703 – 704)

وقال أيضا فيما تفرد به الأوزاعي بعد أن نقل عن أبي يوسف رحمه الله قوله: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،- قال رحمه الله -: ’’فهو كما قال وقد بلغنا من هذا ما قال الأوزاعي وهو عندنا شاذ والشاذ من الحديث لا يؤخذ به‘‘ (الأم 7/ 360)

ومما قال الإمام ابن الصلاح في مبحث العلة: ’’ويستعان على إدراك (العلة) بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم ... ‘‘.

وبهذا القول أصبح الإمام ابن الصلاح قد أقر بأن التفرد مثل المخالفة في التعليل، لكن فقط إذا انضمت القرائن إليهما تنبه العارف بهذا الشأن – سواء أ فهم ذلك غيره ممن لم يتأهل أم لم يفهم -. ويتأيد ذلك بأن النقاد في كتبهم يعلون الأحاديث بالتفرد والغرابة كما يعلون بالمخالفة.

ومن أين لهذا القائل أن الشاذ لا يكون إلا بالمخالفة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير