وعلى سبيل المثال: حديث اشتهر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، لو قلبه أحد من الرواة، ورواه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة لقال كل من يعرف الواقع في حديث الزهري: هذا خطأ والصواب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر. وهذا الفهم يكون موحدا عند جميع من يعرف الواقع، ولا يختلف باختلاف البلدان. نعم يختلف العلماء حول الحكم لكن ليس على أساس اختلاف البلاد، وإنما على مدى استحضار ما ينبغي استحضاره في النقد.
وقد هالني بعض الإخوة حين زعم: إن علوم الحديث قد تشفعت، لا لسبب علمي وإنما لمجرد أن أغلب المؤلفين فيها هم الشافعية. ما هذا الكلام؟ يتحدث الناس عن هذا التراث العلمي العظيم الذي نعده من أقدس تراثنا الإسلامي، بالهوى وبدون دراسة استقرائية ولا مقارنة.
وتمنيت أن يصبر هذا الأخ على ما يدور في خياله، ويحجم عن إثارته أمام الناس، إلى أن يتحقق ذلك في ضوء البحث والاستقراء والدراسة المقارنة. والله المستعان.
السلام عليكم
س117/ هل الخمر نجسة؟؟؟
ج/ لا أعرف دليلا واضحا على نجاستها.
س118/ من هم علماء العلل وكيف نعرفهم؟؟؟
ج/ انظر كلام الحافظ العلائي، والحافظ ابن حجر، والسخاوي، وغيرهم.
وقد نقلته عنهم في أكثر من مناسبة، كما نقله غيري في كتبهم من أجل أن يطلع عليه الناس ويصبح مألوفا لديهم لكثرة قراءتهم ذلك.
وهذه نصوصهم مرة أخرى:
قال الحافظ العلائي - وهو بصدد بيان موقف نقاد الحديث من زيادة الثقة -:
(كلام الأئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل والبخاري وأمثالهم يقتضي أن لا يحكم في هذه المسألة ـ يعني زيادة الثقة ـ بحكم كلي، بل عملهم في ذلك دائر على الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في حديث حديث).
وقال الحافظ ابن حجر - وهو بصدد بيان موقف نقاد الحديث من زيادة الثقة -:
(والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة).
وقال السخاوي في نوع الموضوع:
(ولذا كان الحكم من المتأخرين عسرا جدا، وللنظر فيه مجال، بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم وأصحابهم مثل أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهويه وطائفة، ثم أصحابهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، وهكذا إلى زمن الدارقطني
والبيهقي ولم يجىء بعدهم مساو لهم ولا مقارب أفاده العلائي، وقال:
فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح) اهـ.
وهؤلاء مصدر هذا العلم، وكل من ينتهج منهجهم في التصحيح والتضعيف يعد من علماء العلل، بخلاف من يصحح الأسانيد ويضعفها ويحسنها بناء على أحوال الرواة.
وفي الحقيقة أن هذا العلم لا يختلف عن العلوم الأخرى التي نجد الناس يقدرونها بفطرتهم، ويحترم المتخصصون فيها من هو أكثر تخصصا، ويسلمون لهم الأمور المتصلة بها إذا أشكلت عليهم؛ كالطب والهندسة والفيزياء وغيرها. لكن هذا العلم عند كثير من الناس مثل الهوى الذي يعد حقا للناس جميعا في هذه الأرض. والواجب أن يكون هذا العلم من أكثر العلوم احتراما لأنه يتصل بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تحذير شديد من التساهل في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم. قيضنا الله تعالى وإياكم جميعا للدفاع عن الكتاب والسنة خالصة لوجهه الكريم كما قيض عباده الصالحين لذلك.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[05 - 07 - 03, 04:14 م]ـ
س119/ السلام عليكم ورحمة الله
وسؤالي فضيلة الشيخ حول هذه المقولة: حديث فيه ضعف والعمل عليه عند أهل العلم وهي مقولة موجودة في أكثر كتب المصطلح والتخريج فما هو دليل هذه المقولة وكيف يعمل أهل العلم بحديث ضعيف ومن المقصود بأهل العلم؟
ج/ كان الإمام الترمذي يكثر من هذه المقولة، ومعناها أن الحديث وإن كان ضعيفا من حيث الرواية لكنه جرى العمل به في عصور الصحابة والتابعين، وبالتالي فإن الحديث له أصل قوي قد يرتقي إلى الصحة أو الحسن.
¥