ما أدري أين يندرج علم العلل، و هل هو غير الحكم على الأحاديث صحة و ضعفا؟؟
كيف تفرق بينهما يا أخي الأمين.؟
أخي الأمين .. حديث كثير هو الذي أقيمت الدنيا و أقعدت لأجل تصحيح الترمذي له سيأتيك نبؤه مفصلا قريبا – و قد كانت لي لتصحيحه هذا دراسة خاصة مع الشباب -
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[24 - 12 - 02, 05:24 م]ـ
الحلقة الثالثة:
ثم يقال لكل من وقف لناقد على وهم في تصحيح حديث أو توثيق من ليس بثقة، كل من تعرفهم من النقاد يحصل لهم الذي حصل لمنتقدي الترمذي، بل إن كثيرا من المتقدمين في الرجال على جهة الخصوص ترى منهم ما لا تراه من الترمذي ..
و ليكن في العلم أن تفاوت درجات النقاد باعتبار تصحيحهم و كلامهم فو ي علوم الحديث الأخرى إنما هو لتفاوتهم في المعرفة و الحفظ و أحيانا فهم وجه العلة أيضا، فانظر للاختلاف بين النقاد في تصحيح الأحاديث، هذا يصحح و ذاك يعلل، و انظر إلى كلامهم في الرجال، كيف اختلفوا؟!
مع تنبيهنا إلى أن كثيرا مما يظن أنه اختلاف هو اختلاف صوري، ليس باختلاف حقيقي ..
ثم نأتي لحال حديث كثير الذي صححه الترمذي، فنقول:
الترمذي رحمه الله كغيره من الحفاظ، بشر يطرأ عليه ما يطرأ على غيرهم من الخطأ و الوهم، و لو تتبعت أوهام الحفاظ جميعا لوجدت لهم ما يستنكر و يستغرب من الأحكام، لكن لمَ خص الترمذي بكثرة المنتقدين، الجواب:
لأن أحكامه على الأحاديث جد غريبة عن أحكام من سبقه، و إن كان بعضهم قد سبقه إلى بعضها، لكن إكثاره من مصطلح (حديث حسن) على معنى بينه، مع غموض، و كذلك قوله (حسن غريب) و (حسن صحيح غريب)
و (حديث غريب) ...
فظنَّ بتلك المصطلحات غير مراد الترمذي، فلذا ترى منهم من يقول (حسنه الترمذي فلم يحسن)
كما أن كثيرا مما انتقد الترمذي في تصحيحه، يكون الخلل عند من انتقده، إلا أن يكون الخلل من جهة النسخ المعتمدة،و هذا الأخير تجده حتى عند كبار الحفاظ الذين نقلوا عن جامع الترمذي تجد نقولهم عنه مختلفة ...
قد يقول قائل: لكن الترمذي صحح هذا الحديث، فيقال فيه: لو سلمنا أن هذا التصحيح ثابت عن الترمذي و أن الترمذي صححه و لم يحسنه، فهو على أكثر الأحوال خطأ يخالف فيه، و لا يزاد عليه ... و يقال فيه كما فصلنا ما يقال عن كل حافظ يهم في تصحيح رواية أو يحسن الظن بكذاب و هكذا ..
و ليعلم: أن كثير بن عبد الله هذا قد أخرج له الترمذي أحاديث و منها حديث الصلح المذكور في ترجمته من الميزان.
فكثير هذا له في الجامع فيما رأيت خمسة أحاديث حسن له أربعة (490و536 و2630و2677) و صحح له فقط حديث الصلح (1352)، فلذا كنت في ريب من أن يكون الصواب أنها حسنة و أن الخطأ من ناسخ الكتاب أو أحد رواته القدماء و الله أعلم.
ثم اعلم أن الترمذي مسبوق بتحسين حال كثير هذا من:
1 – شيخه إمام الصنعة البخاري، ففي العلل المفرد (سألت محمدا عن هذا الحديث يعني حديث عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة، فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا وبه أقول.
وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضا وعبد الله بن عبد الرحمن الطائفي مقارب الحديث)
فالظاهر أن البخاري يصحح حديث كثير، لقوله أصح من هذا، ثم قال عن حديث عمرو بن شعيب: صحيح) فحديث كثير عنده أصح من حديث عمرو بن شعيب.
فالترمذي لم يخرج عن شيخه.
وهذا البيهقي الحافظ يقول في السنن6/ 65 (ورواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني إذا انضمت إلى ما قبلها قويتا) يعني تقوي حديث أبي هريرة في الباب.
فانظر كيف قوى برواية كثير، فهل نشنع عليه؟ اللهم لا.
ورحم الله الحافظ العراقي حيث قال متعقبا الذهبي في قوله في الميزان (فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي) – قال: (لا يقبل هذا الطعن منه في حق الترمذي و إنما جهل الترمذي من لا يعرفه كابن حزم وإلا فهو إمام معتمد عليه ولا يمتنع أن يخالف اجتهاده اجتهاد غيره في بعض الرجال وكأنه رأى ما رآه البخاري فإنه روي عنه أنه قال في حديث كثير عن أبيه عن جده في تكبير العيدين أنه حديث حسن ولعله إنما حكم عليه بالحسن باعتبار الشواهد فإنه بمعنى حديث أبي موسى المذكور في الباب فارتفع بوجود حديث شاهد له إلى درجة الحسن) (نيل الأوطار 3/ 302).
كما دافع عنه بابن حجر بكلام نحوه.
2 - و الآخر هو يعقوب بن سفيان الإمام قال (و قد تكلم في كثير من لو سكت عنه كان أنفع له، و إنما تكلم فيه الجاهلون به و بأسبابه) المعرفة 1/ 350.
و نحن و إن كنا نرى حال كثير خلاف هذا، لكن أوردنا لنبين أن الترمذي في حكمه ليس وحيدا ..
و هكذا ترى غيره كحكم الشافعي في شيخه إبراهيم بن أبي يحيى و حكم ابن معين في شيخه محمد بن حميد و مالك في ابن أبي المخارق و غيرهم ممن كان له سببه في حكمه على الرواة ..
و هذا أمر يطول إيراده.
و على هذا يتبين لك مدى بعد قول من رمى الترمذي بالتساهل ..
و رحم الله السيوطي حين قال في ألفية الحديث:
ما ساهل البستي في كتابه بل شرطه خفَّ و قد وفّى به
و حاشا لله أن يكون الترمذي متساهلا في القواعد و الشروط، و حاشا لله أن يكون الترمذي لا يفهم كيف يحكم على الأحاديث و على الرواة، و إني لأتعجب ممن يتجاوز كتابي الجامع و العلل فلا يتأمل فيهما كلامه على الأحاديث و على الرواة، و ينصرف جهده إلى كتب أقل منه علما و فائدة .. مع دعواه تساهل الترمذي ..
و لي بإذن الله وقفات في بيان إمامة الترمذي و تمكنه من العلم و بيان دقة أحكامه على الأحاديث، و الله الميسر