تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن من قال فيه الحافظ ابن حجر رحمه الله (صدوق يهم) أو (صدوق يخطئ) أو (صدوق له أوهام)، ونحو هذه الألفاظ التي هي عنده في المرتبة الخامسة؛

أقول: الذي عندي أن أصحاب هذه المرتبة حديثهم يُحسن بعد التأكد أن الحديث الذي بين يديك من طريق أحد أصحاب هذه المرتبة ليس مما أخطا فيه.

فإن قلت: ما الفرق بين من قال فيه: "صدوق" وبين أصحاب هذه المرتبة؟

فالجواب: أن من قال فيه صدوق يهم لا يحسن حديثه إلا بعد التأكد من حديثه هذا بعينه ليس مما أخطا فيه، بخلاف من قال فيه (صدوق)، فإنك في الذي له أوهام لابد أن تراجع الكتب المطولة في ترجمته التي تذكر في الغالب الأحاديث التي أخطأ فيها الراوي أو وهم فيها، وأحياناً تكون للراوي روايات بعينها هي التي تضعف، فيدعوك الحافظ للنظر في التراجم المطولة بقوله: "صدوق له أوهام" أو صدوق يهم" ونحو ذلك من العبارات التي يستعملها في المرتبة الخامسة.

وفائدة أخرى للتفريق بينهم مع أن حديثهم في مرتبة الحسن: للترجيح بينهم عند التعارض، والرواية.

فإن قلت: ما الدليل على أن هذا هو مراد الحافظ ابن حجر؟

فالجواب: استفدت هذا من عدة أمور:

منها: أنه استعمل نفس هذا التعبير في من قيل فيه ثقة، فهو يقول: "ثقة يخطئ"، " ثقة له أوهام"، وتستطيع التأكد من ذلك بمراجعة التقريب، و لا أريد الإطالة بذكر أمثلة الآن.

ومنها: أنه جعل أصحاب المرتبة السادسة هم من لم يثبت ما يترك حديثهم من أجله، فدل ذلك أن الذين هم قبلهم أنهض منهم، وأقوى.

ومنها: أنه جعل أصحاب المرتبة الثامنة من قال فيهم (ضعيف)، فهؤلاء: " من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف، ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف ".

فإذا لاحظت أن هؤلاء في الثامنة فأصحاب المرتبة الخامسة كيف يعاملوا كمن قيل فيه: "ضعيف"؟ أليس هذا مما يدل أنهم أعلى عند الحافظ بثلاث مراتب منهم؟!

ومنها: أنه جعل في المرتبة الخامسة من رمي ببدعة فقال: " من قصر عن الرابعة قليلاً، وإليه الإشارة بـ: صدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة. ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم، مع بيان الداعية من غيره.

ومعلوم أن صاحب البدعة يقبل حديثه مادام ضابطاً له، مالم يكن داعية كما هو قول كثير من أهل الحديث، و ما لم يكن مرويه مما ينصر بدعته، كما هو قول آخرين من أهل الحديث.

ومنها: أنه عد في هذه المرتبة من وصف بالتغير، ومعلوم أن التغير لا يرد به حديث صاحبه، ما لم يصل إلى حد الاختلاط، فإنه يضعف بذلك، ولا يقبل منه مطلقاً إذا لم يميز حديثه، أو يقبل ما ميز أنه رواه قبل الاختلاط.

وقد علمت مؤخراً ما زادني قوة في هذا أن سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله كان يرى ذلك، وكذا الشيخ حماد الأنصاري، وعلمت أن هناك دراسة لفضيلة الشيخ عبدالعزيز الطخيم في الموضوع وأن خلاصتها هي هذه، والحمد لله.

هذا ما عندي فإن كان صواباً فالحمد لله، والفضل بعد الله إليكم لإثارتكم هذه المسألة، وإن كانت الأخرى فرحم الله من أهدى إلي عيوبي، وأنا راجع عن الخطأ والزلل فعز وجل من لا يخطئ و لا يزل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 01 - 03, 09:02 م]ـ

لا هذا ولا ذاك!

وإنما يعرف حاله بالنظر في ترجمته المطولة.

وقد رأيت أحد الناشئين قد كتب كتاباً في هذا الموضوع، ونقل أمثلة كثيرة تؤيد قوله بتوثيق المرتبة الخامسة، لكنه أخفى الأمثلة التي تعارض قوله. وهذا ليس من الأمانة العلمية.

وقد تتبعت الكثير من أصحاب تلك المرتبة فوجدت أن فيهم الرجل الليّن (أي من أهل الصدق لكنه ضعيف الحفظ) ووجدت فيهم الثقة لكنهم أنكروا شيئاً من أحاديث (كروايته عن شيخ معيّن).

وكذلك المرتبة الرابعة لا يطلق فيها التوثيق.

وما أساء المتأخرون لأنفسهم أكثر من اعتمادهم لتلك العناوين المختصرة. وإنما لا بد من الرجوع للقراءن وللمتن وللدراسة الإسناد بأكلمه. فكون الغالب على الراوي الصدق لا يعني التوثيق المطلق.

ولذلك كان المتقدمون إذا سئل الواحد منهم عن رجلين، تجده أحيانا يقول هذا ثقة وهذا ضعيف. ويقصد الضعف النسبي، لا التضعيف الكلي.

والذي يعتمد على المختصرات هذه يحرم من هذا الفوائد ويصعب عليه الموازنة بين الرواة ومعرفة الشاذ منها.

والخلاصة أن أصحاب المرتبتين الرابعة والخامسة يجب النظر في تراجمهما الكاملة. وخاصة من قيل فيه صدوق يهم. فهو صريح في عدم إطلاق التوثيق فيه، وأنه لا بد من النظر في أوهامه هذه فتجتنب، وما لم يكن من أوهامه يكون مستقيماً.

والله الموفق.

ـ[ابن معين]ــــــــ[17 - 01 - 03, 08:59 ص]ـ

أخي الفاضل: محمد الأمين.

لا يفهم حين بحثنا لهذه المسألة أننا نحث على اعتماد كلام الحافظ ابن حجر مطلقاً!

أو نرغب في تقليده دون غيره!

وهذا أظنه مما لا يحتاج إلى التنبيه عليه!!

وقد قدمت أن المقصود ببحث هذه المسألة هو معرفة رأي ابن حجر نفسه في أصحاب هذه المرتبة، فهو لم يبين درجة الاحتجاج بأصحاب تلك المراتب التي ذكرها، ولذلك تفاوتت فهوم المتأخرين في ذلك.

ولا شك أن من عنده قدرة على النظر والترجيح في أحوال الرواة أنه لا ينبغي له تقليد غيره، إلا أنه مع ذلك فإن الباحث يستأنس بترجيحات كبار أهل العلم حين يشتد الخلاف!

ثم إن من لم يكن عنده تلك القدرة على البحث والنظر فليس له إلا تقليد الحافظ ابن حجر وأمثاله.

وأظن الآن قد تبين لك فائدة هذا البحث!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير