قال الذهبي في "الميزان" (3/ 426) في ترجمة مالك بن الخير: مصري، محله الصدق، يروي عن أبي قبيل .... روى عنه حيوة بن شريح - وهو من طبقته - وابن وهب وزيد بن الحباب ورشدين.
وقال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته. يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواة "الصحيحين" عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم، والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح. اهـ
وقال أيضا في "الميزان" (1/ 556) في ترجمة حفص بن بغيل - بعد أن ذكر قول ابن القطان الفاسي فيه: لا يعرف له حال - قال: لم أذكر هذا النوع في كتابي هذا، فإن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته وهذا شيء كثير، ففي "الصحيحين" من هذا النمط خلق كثير مستورون ما ضعفهم أحد، ولا هم بمجاهيل. اهـ
وقال في الموقظة ص79:"فصل من أخرج له الشيخان على قسمين:
أحدهما: ما احتجا به في الأصول.
وثانيهما: من خرجا له متابعة وشهادة واعتبار.
فمن احتجا به أو أحدهما ولم يوثق ولا وغمز: فهوثقة حديثه قوي." اهـ
قلت: وقد صحح أبو عيسي الترمذي أحاديث في أسانيدها من هو ليس بالمشهور كأبي الأبرد مولي بني خطمة، فقد خرج له في جامعه حديثا (324) عن أسيد بن ظهير رفعه: "الصلاة في مسجد قباء كعمرة"، وقال: حسن صحيح، ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا.
ومن الأمثلة على ما ذكره أبو عبدالله الذهبي في من خرّج له البخاري أو مسلم وهو ليس بالمشهور:
1. أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي، خرج له الشيخان والنسائي
روى عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف. ولم يذكر له شيخا سواه فيما وقفت عليه.
وعنه مالك بن أنس عبد الله بن المبارك وسفيان الثوري وأنس بن عياض.
ذكره البخاري في "الكنى" (ص 13) وسكت عليه، ومثله ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/ 343)، والذهبي في "الكاشف"، وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول. وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/ 655).
قلت: وهو مقل فيما يظهر، أخرج الشيخان (البخاري 54، ومسلم 633) والنسائي كلهم من طريق ابن المبارك عنه عن أبي أمامة قال: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر
، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك، فوجدناه يصلى العصر، فقلت: يا عم ما هذه الصلاة التي صليت قال: العصر، وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كنا نصلي معه.
وأخرج له البخاري (914) حديثا آخرا من طريق ابن المبارك عنه عن أبي أمامة عن معاوية في الترديد مع المؤذن ورفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه النسائي 2/ 24من طريق مجمع بن يحيى الأنصاري عن أبي أمامة به.
قال أبو الحجاج المزي: "وهذا جميع ماله عندهم". اهـ
قلت: وأخرج الشيخان له لأمرين:
1. استقامة حديثه، فكلا الحديثين لهما شواهد، والثاني قد توبع عليه.
2. رواية كبار أهل العلم عنه، وعلى رأسهم مالك، والله تعالى أعلم.
2. معن بن محمد بن معن بن نضلة الغفاري، روى عن سعيد المقبري عند البخاري والترمذي والنسائي.
وحنضلة بن علي عند ابن ماجة وعنه ابن جريج وابنه محمد بن معن وعمر بن علي المقدمي وعبدالله بن عبدالله الأموي.
ترجمه البخاري في "الكبير" (7/ 390) وقال: يعد في أهل الحجاز وذكر له حديثا وسكت عنه وسكت عنه أيضا ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/ 277) والذهبي في "الكاشف" وقال ابن حجر في "التقريب": مقبول.
وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 490) وهو مقل كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
خرج له البخاري في "صحيحه" (39) فقال: ثنا عبدالسلام بن مطهر ثنا عمر بن علي عن معن بن محمد الغفاري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة".
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/ 94) عن هذا الحديث:
وهو من أفراد معن بن محمد، وهو مدني ثقة، قليل الحديث، لكن تابعه على شقه الثاني ابن أبي ذئب عن سعيد، أخرجه المصنف في كتاب الرقاق بمعناه ولفظه "سددوا وقاربوا" وزاد في آخره والقصد القصد تبلغوا" ولم يذكر شقه الأول وقد أشرنا إلى بعض شواهده ومنها. . . اهـ
¥