ـ[بو الوليد]ــــــــ[31 - 05 - 03, 12:32 ص]ـ
هذه التنيجة قريبة جداً من النتيجة التي خرج بها الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه لكتاب اللكنوي الرفع والتكميل في الجرح والتعديل، ص213، ولعلي أنقل عبارة شيخه ثم تعلقه هو عليها:
قال اللكنوي:
وقال السخاوي في فتح المغيث: قال ابن القطان: إن ابن معين إذا قال في الراوي ليس بشئ؛ إنما يريد أنه لم يرو حديثاً كثيراً.
قال عبد الفتاح:
قلت لكن هذا القصد في عبارة ابن معين الظاهر أنه غير مطرد، فقد جاء قوله (ليس بشئ)، (ولا شئ) في مواطن عديدة من كلامه مراداً به تضعيف الراوي، لا بيان قلة أحاديثه، وإليك بعض تلك المواطن .. ثم ذكر الشيخ 31 مثالاً على ذلك، ولكنه استدرك على نفسه في المثال الرابع ص215، فقال:
وعلى هذا ينبغي أن يقال: الغالب من حال ابن معين أنه يقصد بقوله ليس بشئ أن أحاديثه قليلة ومن غير الغالب يريد به تضعيف الراوي؛ هكذا كنت رجحت أول الأمر في بيان المراد من قول ابن معين في الراوي ليس بشئ؛ أنه ينبغي أن يقال الغالب أنه يريد به أن أحاديثه قليلة، ومن غير الغالب يريد به تضعيف الراوي، ثم ترجح عندي الآن بما وقفت عليه من شواهد كثيرة - سأسوقها - الجزم بأن قول ابن معين في الراوي ليس بشئ يعني به ضعف الراوي، وقد يعني به قلة أحاديثه في بعض الروايات على حد تعبير ابن القطان ... .
هذا مما يؤيد نتيجتك التي توصلت لها، مع أني قد كتبت تعليقاً على الكتاب حين قرأت رأي عبد الفتاح الأول قبل تغييره، وذكرت أن الرواة الذين يقول ابن معين في أحدهم ليس بشئ؛ هم ممن أنكرت أحاديثهم أو اتهموا أحياناً، فهي توازي تقريباً منكر الحديث عند الإمام النسائي أو غيره.
ـ[ابن معين]ــــــــ[31 - 05 - 03, 02:53 م]ـ
بارك الله في أخويّ الفاضلين (أبي حاتم الشريف) على إفادته، و (بوالوليد) على تعقيبه.
وقول ابن معين في الراوي (ليس بشيء) الأصل فيه أن مراده هو التضعيف الشديد، وقد يكون مراده معنى آخر وتدل القرائن على ذلك _.
قال المنذري في رسالة في الجرح والتعديل (55):
(وأما قولهم " فلان ليس بشيء " ويقولون مرة " ليس حديثه بشيء " فهذا يُنظر فيه: فإن كان الذي قيل فيه هذا وثقه غير هذا القائل واحتج به فيُحتمل أن يكون قوله محمولاً على أنه ليس حديثه بشيء يُحتج به، بل يكون حديثه عنده يُكتب للاعتبار والاستشهاد وغير ذلك.
وإن كان الذي قيل فيه ذلك مشهوراً بالضعف ولم يوجد من الأئمة من يحسن أمره فيكون محمولاً على أن حديثه ليس بشيء يحتج ولا يعتبر به ولا يستشهد به، ويلتحق هذا بالمتروك، والله عزوجل أعلم).
وأما الأدلة على أن الأصل في مراده هو التضعيف الشديد فهي:
الأول: مرادفة ابن معين لهذا اللفظ أحياناً بألفاظ أخرى من ألفاظ التضعيف الشديد، كقوله (ليس بشيء، ليس بثقة) ونحوها.
الثاني: ورود روايات أخرى عن ابن معين في هؤلاء الرواة الذين قال عنهم (ليس بشيء) وفيها تضعيف شديد لهم.
فهو قد قال عن بعضهم: (ليس بثقة ولا مأمون)، وقال: (كذاب)، وقال: (كان يسرق الحديث)، وقال: (لا يُكتب عنه ولا كرامة) وغيرها من العبارات.
الثالث: أن دلالة الكلمة عند المحدثين وعرفهم فيها هو أنها تدل على التضعيف الشديد، ولذا كل من ألف في علوم الحديث قد وضع هذه اللفظة ضمن ألفاظ التضعيف الشديد.
الرابع: أن الاستقراء لهذه الكلمة عند ابن معين قد دل على أن مراده في الغالب هو التضعيف الشديد، وقد قام بالاستقراء الدكتور أحمد نور سيف في مقدمة تحقيقه لكتاب التاريخ للدوري (1/ 115_119، 204_209) وأحصى من قال عنهم ابن معين (ليس بشيء) فبلغوا خمساً وثمانين راوياً.
الخامس: أنني وجدت كبار الأئمة المتقدمين على فهمهم لقول ابن معين (ليس بشيء) أنه تضعيف شديد، ولا شك أن فهم الأئمة المتقدمين لكلام ابن معين أولى من فهم غيرهم.
وممن وجدته منهم:
_ ابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ)
فإنه قال في كتابه الجرح والتعديل (3/ 321) بعد أن أسند عن يحيى بن معين قوله: (خالد بن أيوب لا شيء). قال: (يعني ليس بثقة).
وممن وجدته من الأئمة أيضاً:
_ ابن حبان (ت354هـ)
فإنه قال في كتابه المجروحين في ترجمة عزرة بن قيس (2/ 197_198):
(على أن يحيى بن معين كان سيء الرأي فيه.
¥