تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفعلاً كان خالد هذا مشهوراً فهذا الفعل الخبيث. قال البرذعي: «قلت لأبي زرعة: رأيت بمصر أحاديث لعثمان بن صالح عن ابن لهيعة –يعني منكرة–. فقال: لم يكن عثمان عندي ممَّن يَكْذب، ولكن كان يسمع الحديث مع خالد بن نجيح. وكان خالد إذا سَمِعوا من الشيخ، أملى عليهم ما لم يسمعوا، فبُلوا به». انتهى من "تهذيب التهذيب" (5\ 227). وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/ 40) عن كاتب الليث: «سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جارٌ بينه وبينه عداوة، فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح، ويطرح في داره في وسط كتبه، فيجده عبد الله فيحدِّث به، فيتوهّم أنه خطه وسماعه. فمن ناحيته (ابن نجيح) وقع المناكير في أخباره (أي كاتب الليث)» اهـ.

بقيت قضية العلامات التي أشار إليها الحاكم. قال الخطيب في تاريخ بغداد (12\ 466): «قال أبو العباس السراج: سمعت قتيبة يقول رأيت عليه سبع علامات: علامة أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبي خيثمة، وأبي بكر بن أبي شيبة، ويحيى الحماني. وعندي أن الرجلين اللذين أغفلهما: أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، والله أعلم». ويبدو أن بعض المتأخرين فهموا هذه العلامات أنها تصحيح! وليست كذلك، بل هي تعجب واستغراب. فإن الأئمة هؤلاء ينظرون في كتابه ثم يعلّمون على الروايات الغريبة التي لم تقع لهم من غيره، فيطلبون منه تحديثهم بها. إذ أن أئمة العلل مولعون بجمع تلك الروايات الشاذة حتى يضعوها في كتب العلل التي كانوا يسمونها أحياناً كتب الفوائد. وقد بين الحاكم غرض هذه العلامات بقوله: «فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجباً من إسناده ومتنه».

قال محمد بن أبي حاتم: سمعتُ محمدَ بن يوسُفَ يقول: سأل أبو عبد الله (الإمام البخاري) أبا رجاءَ البَغلانيَّ –يعني قُتَيبة– إخراجَ أحاديثِ ابنِ عُيَينة، فقال: «مُنذُ كتبتُها ما عرضتُها على أحدٍ. فإن احتسبتَ ونظرتَ فيها، وعَلَّمتَ على الخطأِ مِنها، فعلت، وإلاّ لم أُحَدِّث بها لأني لا آمَنُ أن يكون فيها بعضُ الخطأِ. وذلكَ أنَّ الزِّحامَ كان كثيراً، وكانَ الناسُ يُعارِضونَ كُتُبَهُم، فيُصحِّحُ بعضُهُم من بعضٍ، وتركتُ كِتابي كما هُوَ». فَسُرَّ البُخاريُّ بذلكَ، وقال: «وُفِّقْتَ». ثم أخذَ يختلِفُ إليهِ كلَّ يومٍ صلاةَ الغداةِ، فيَنظُرُ فيهِ إلى وقتِ خُروجِهِ إلى المجلسِ، ويُعلِّم على الخطأِ منهُ. فسمعتُ البخاريَّ ردَّ على أبي رجاء يوماً حديثاً. فقال: «يا أبا عبد الله، هذا مما كتَبَ عني أهلُ بغدادَ، وعليه علامةُ يحيى بنِ مَعينٍ وأحمدَ بنِ حنبلٍ، فلا أقدِرُ أُغيِّرُهُ». فقالَ لهُ أبو عبدِ اللهِ: «إنما كتبَ أولئكَ عنكَ لأنكَ كنتَ مُجْتَازاً. وأنا قد كتبتُ هذا عن عِدَّةٍ على ما أقولُ لكَ، كتبتُهُ عن يحيى بنِ بُكَيْرٍ وابنِ أبي مريَمَ وكاتِبِ اللَّيثِ، عن الليثِ». فرجعَ أبو رجاءَ، وفَهِمَ قولهُ، وخَضَعَ لهُ. انتهى.

فانظر كيف أقر قتيبة للبخاري بحصول الخطأ في كتابه. فمن الغريب أن الذهبي وابن حجر قد مرا على هذا النص ثم أنكرا إمكانية حصول ذلك في الحديث الذي نتكلم عنه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير