هذا ما ظهر بالمفهوم انطلاقا من مقارنة ألفاظه بعضها ببعض، وأما المنطوق في كونها تفيد الجرح فاتضح في كونه قرنها بألفاظ دالة على الجرح، وفي كونه أطلقها فيمن لم يرخص بكتابة أحاديثهم.
من شواهد المعنى الأول قوله في ترجمة كل من حريش بن الخريت (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn32) وجرى بن كليب (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn33)4) النهدي: (شيح لا يحتج بحديثه).
ومن شواهد المعنى الثاني قول أبي محمد الرازي لأبيه: (قلت له: يحيى البكاء (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn34) أحب إليك أو أبو جناب (6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn35) ؟ قال: لا هذا ولا هذا، قلت: إذا لم يكن في الباب غيرهما عن أيهما أكتب (7) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn36) ؟
قال: (لا تكتب منه شيئا، قلت: ما قولك فيه؟ قال: هو شيخ). (8) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn37)
فتأمل قوله: (لا تكتب منه شيئا)، وقوله: (هو شيخ).!
ثم إنه أطلقها على رواة ضعفاء، عامة ما يروونه مناكير، أو هم كذابون معروفون بالكذب، قال في إبراهيم بن صرمة: (شيخ) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn38)، وهو ضعيف عند الدار قطني، وقال ابن عدي: (عامة حديثه منكر المتن والسند)، وقال يحيى بن معين: (كذاب خبيث) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn39).
وأخيرا وليس آخر، فإن أبا حاتم اضطرب في هذه اللفظة اضطرابا شديدا، ولم أعثر على لفظة اضطرب فيها أشد اضطرابه في لفظة (شيخ)، ومع ذلك كان يستخدم المصطلحات الأخرى في الجرح والتعديل فيقرنها بهذه اللفظة ويركبها إليها، وهذا له أثر كبير في التوضيح والبيان لأنه يعيننا على تحديد منزلة الراوي، وهذه مجمل الأوصاف المتبقية التي نعت بها أبوحاتم الرجال، وقد رتبتها معجميا على الحرف الأول من الكلمة الثانية:
- شيخ، أرجو أن يكون صدوقا.
- شيخ ثقة ثقة
- شيخ ثقة مأمون.
- شيخ حديثه ليس بالقائم، عامة حديثه عن فلان، ليس أن يمكن أن يعتبر بحديثه.
- شيخ روى حديثين مسندين، يكتب حديثه.
- شيخ سوء غير ثقة.
- شيخ صالح.
- شيخ صدوق.
- شيخ ( ... ) ضعيف الحديث.
- شيخ فيه نظر.
- شيخ قديم ثقة.
- شيخ قديم لابأس به.
- شيخ كتبنا عنه بمكان كذا ما رأينا به بأسا.
- شيخ، لا أعلم روى عنه غير فلان.
- شيخ لا بأس به.
- شيخ لا يحتج بحديثه
- شيخ ليس بالقوى.
- شيخ ليس بالقوى، منكر الحديث.
- شيخ ليس بالمشهور، ولايُشتغل به.
- شيخ ليس بالقوي، يكتب حديثه.
- شيخ ليس بمشهور.
- شيخ متعبد، محله الصدق.
- شيخ مجهول.
- شيخ مجهول لا أعلم روى عنه غير فلان.
- شيخ مجهول منكر الحديث.
- شيخ مجهول يروي أحاديث منكرة
- شيخ محله الصدق.
- شيخ محله الصدق لا بأس به.
-شيخ محله الصدق، لم يكن بالحافظ، يكتب حديثه ولا يحتج به.
- شيخ مديني مضطرب الحديث.
- شيخ مرجىء.
- شيخ مستقيم الحديث.
- شيخ مضطرب الحديث.
- شيخ منكر الحديث.
- شيخ وقد روى عنه فلان.
- شيخ يأتي بمناكير.
- شيخ يدل حديثه على الصدق.
- شيخ يُروي أحاديث مشتبهة.
- شيخ يُروى عنه.
- شيخ يكتب حديثه.
- شيخ يكتب حديثه وليس بالمشهور.
عند النظر في لفظة شيخ الواردة في هذه الإطلاقات المتنوعة عند أبي حاتم الرازي يظهر من الوهلة الأولى أنها لا تعني شيئاً سوى أنها تعين المصدر المقصود بالكلام، وهو الراوي، فكل راو من الرواة هو شيخ من الشيوخ، فهي هنا بالمعنى اللغوي، وهذا ما نستشعره من النظرة الأولى لكنها لا تُحمل دائما على ذلك، فمن تأمل سياق الاستعمال تبين له الإصطلاح، وقد أشرنا إلى ما ظهر لنا أنه من الإصطلاح المبين في الإستعمال، والله تعالى أعلم وأكرم.
(3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftnref1) يقول ابن القطان في تعقيباته على عبد الحق الإشبيلي: (وأبو محمد لم ير في هذا الرجل القول بأنه شيخ، فإنهم لم يقولوا ذلك فيه فيما أعلم، وإنما رأى في كتاب ابن أبي حاتم سؤال أبي محمد أباه وأبا زرعة عنه فقال: (هو شيخ لابن وهب)، فهذا شيء آخر ليس هو الذي ذكر، فإن لفظة (شيخ) لفظة مصطلح عليها كما تقدم، وأما لفظة (شيخ لفلان) فإنه بمعنى آخر)، انظر بيان الوهم والإيهام 3/ 800. حديث رقم 1318 والكلام يتعلق بمحمد بن عمرو اليافعي، وانظر الجرح والتعديل 8/ 32 رقم 144.
¥