تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إني رأيته يتحاشى التعبير بها في وصف الرواة، يدلنا على ذلك أنه لم يشر إليها في ترتيبه للألفاظ في ديباجة التقريب، وذكر مكانها لفظة (مقبول)، وبالاستقراء اتضح أن غالبية من أطلق عليهم أبو حاتم لفظة (شيخ) سماهم ابن حجر بلفظة (مقبول)، وقد يتغير ذلك لكن في تراجم قليلة.

فهذا اختلاف بين النقاد في مدلول هذه اللفظة، وهو في الحقيقة ليس اختلافا وإنما هو تعبير عن حقيقة اللفظة في اصطلاح أبي حاتم، فكأن كل طائفة استقلت بمعنى من معانيها، وقد خصصتُ أبا حاتم بالذكر لأنه من أكثر النقاد إطلاقا لها، فلا غرابة إذا وجدنا مدار كلامهم – في هذا الموضوع – على أبي حاتم الرازي.

2 - مدلول لفظة (شيخ) عند أبي حاتم الرازي.

أ- من أقوى مدلولاتها أن صاحبها روى أحاديث قليلة جدا، لا تكفي في تعديله، ولا في تجريحه بحيث يكون ما رواه غير كاف في الحكم عليه، من شواهد ذلك:

- سأل عبد الرحمن أباه أبا حاتم عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع المديني هل يحتج بحديثه؟ فقال: هو يحدث بشيء يسير، وهو شيخ (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17).

- وسأله عن المعلى بن راشد النبال فقال: (هو شيخ، يعرف بحديث حدث به عن جدته أم عاصم (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18) – وكانت أم ولد لسنان بن سلمة – عن نبيشة الخير (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لحس قصعة استغفرت له القصعة) (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20).

- وسئل عن الحسين بن عطاء بن يسار فقال: (شيخ منكر الحديث، وهو قليل الحديث، وما حدث به فمنكر). (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)

أو يكون قد احترف حرفة الحديث، فضيقت عليه فيه، من ذلك أنه سئل عن حبيب بن خالد الأسدي الكاهلي فقال: (شيخ صالح، لم يكن صاحب حديث، وليس بالقوي) (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn22).

ب- ومن مدلولاتها في حق بعض الرواة أنها للتعديل: شاهد ذلك أن عبد الرحمن الرازي ذكر في ترجمة عبد الرحمن بن عطاء المديني ما نصه: (سألته عنه فقال: شيخ، قلت: أدخله البخاري في كتاب الضعفاء فقال: يحول من هناك) (6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn23).

وقد يكون من أطلقت فيه هذه اللفظة من الثقات، ومن هؤلاء عبد الملك بن الحسن الجاري الأحول، قال فيه الإمام أحمد: لا بأس به، وذكره أبو حاتم عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال فيه ثقة، وبين أبو حاتم حاله بقوله: (شيخ) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn24).

وجوز أبو حاتم أن تكتب أحاديث بعض من أطلق عليهم هذه اللفظة، فقد سئل مرة عن أبي يزيد المديني فقال: (شيخ)، وسئل عنه مرة أخرى فقال: (يكتب حديثه) (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn25)، ومثله عثمان بن ابراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي سئل عن حاله فقال: (يكتب حديثه وهو شيخ) (3) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn26).

ومن استعمالاته من هذه الجهة قوله: (شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به، هو صالح) (4) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn27)، وقوله (شيخ، يكتب حديثه، ولا يحتج به) (5) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn28)، ومهما اختلفت ألفاظ مثل هذه العبارات فإنها ترجع إلى معنى واحد هو أن الراوي لا يدخل في الضعفاء والمتروكين.

ج- ومن مدلولاتها في بعض الرواة أنها تفيد الجرح: فقد أطلقها مرادفة لبعض الألفاظ الدالة على الجرح، من ذلك أنه استعملها بمعنى: (ليس بالقوي)، قال مرة في بيان حال بكار بن عبد الله بن يحيى: (ليس بالقوي)، وسئل عنه مرة أخرى فقال: (شيخ)، (6) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn29) واستعملها في إطلاق واحد بمعنيين: بمعنى (لين الحديث)، وبمعنى (ليس بالمشهور)، شاهد ذلك ما ذكره عبد الرحمن الرازي في ترجمة عبيد الله بن خليفة، أبي الغريق بقوله: (سئل أبي عنه فقال ( ... ) ليس بالمشهور، قلت: هو أحب إليك أو الحارث الأعور؟ قال: الحارث أشهر، وهذا قد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ ابن نباتة) (1) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn30)، وكان أبو حاتم قد بين حال أصبغ بن نباتة بقوله: (لين الحديث). (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn31)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير