ب - قول الخطابي – رحمه الله – (ما عرف مخرجه واشتهر رجاله) يعني بوضوح قول الترمذي (يروي من غير وجه).
ج - الترمذي رحمه الله لم يتكلم عن مستور ولا مغفل ولا كثير الخطأ، على العكس يدخل في تعريفه الثقات وهذا واضح من قوله: لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، وكذا بالمفهوم الكذاب، فشمل الباقي.
د - الترمذي – رحمه الله لم يذكر أبدا كلمة يعتضد به في تعريفه ولا في غيره فيما أعلم.
هـ- لم يشترط الترمذي – رحمه الله – السلامة من الشذوذ وهذا له تفسير قادم إن شاء الرحمن.
و - كون الترمذي – رحمه الله – أول من حد الحسن أو أول من دونه فهذا بالقطع يعني أن قولنا في نقد تعريفه: لم يفصل بينهما أقرب للخطأ، خاصة وأنه رحمه الله وكذا الخطابي لم يقولا أن الحسن غير الصحيح، بل في جامع الترمذي مئات المواضع يصف الحديث بالصحة والحسن، فمن الذي قال أن الترمذي أراد أن يفصل ما يسمى بالحسن عن الصحيح، بل العجيب أيضا أن تعريف الترمذي يدخل فيه الصحيح بلا ريب، وسيأتي تفصيلا إن شاء الله.
ز - بالنسبة للتعريف الثاني الذي قال ابن الصلاح _ رحمه الله – أنه يتنزل على كلام الخطابي فسيتضح قريبا مواضع نقده إن شاء الله تعالى.
ومما سبق يتضح لنا أن مسألة الحسن وأقسامه إن كان له أقسام مسألة مضطربة ظلت حتى عصر ابن الصلاح لا قاعدة لها ولا منهجية علمية بل مجرد اجتهادات فردية من هنا وهناك، وكذا بعد ابن الصلاح – رحمه الله – (ت 643 هـ) فإن الأمر لم يستقر، ولنرجع إلى الذهبي.
خامسا: أقوال الذهبي رحمه الله:
قال الذهبي – رحمه الله -: فأقول: الحسن ما ارتقي عن درجة الضعيف ولم يبلغ درجة الصحة، وإن شئت قلت:الحسن ما سلم من ضعف الرواة فهو حينئذ داخل في قسم الصحيح.
وحينئذ يكون الصحيح مراتب كما قدمناه والحسن ذو رتبة دون تلك المراتب، فجاء الحسن مثلا في آخر مراتب الصحيح. ثم يقول رحمه الله: ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها فأنا على إياس من ذلك.
رحم الله الذهبي قد
} §™ o}^}S}S}§}
عبر بسطوره هذه عن الحقيقة، انظر إلى قوله: ثم لا تطمع. . . إلى آخر كلامه رحمه الله، فحتى ذلك الوقت لم يكن فعلا للحسن قاعدة يندرج تحتها!!! على عكس الصحيح مثلا فتعريفه يدخل فيه كل الصحيح، ويخرج منه كل ما ليس بصحيح فتأمل.
سادسا – تعريف الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قال رحمه الله في النخبة بعد أن ذكر تعريف الصحيح: فإن خف الضبط فهو الحسن لذاته.
وهذا عندنا منتقد بأمرين:
أ - أن قوله فإن خف الضبط ليس مضبوطا بضابط تتميز به خفة الضبط.
ب - أن القول بأن فلانا خف ضبطه جرح فيه فكيف يؤخذ ما تفرد به ليوضع في مقام الاحتجاج.
وأخيرا فهذه هي التعريفات التي وقفنا عليها من كتب الاصطلاح التي بين أيدينا ذكرناها مع بعض الكلام اليسير عنها, ولم نهمل منها شيئا قدر الاستطاعة إلا ما قيل في مسألة حسن المعنى إذا لا حاجه لها هنا , والله المستعان.
فإذا تأملنا هذه التعريفات لوجدنا أننا لم نصل إلى الآن إلى ما يشفي الصدور، وأن الصحيح مثلا مستقر ثابت معلوم الحد بعكس الحسن فهو ليس مستقر ولا معلوم الحد ونستطيع أن نقول وبصراحة: أن الحديث الحسن ليس له حتى الآن حد حقيقي على أسس علمية ثابتة، والله أعلم.
المبحث الثاني: كيف تضعف الرواة وتوثق؟؟
هذا المبحث العظيم من أهم مباحث علم الحديث لأنه يبنى عليه علم الجرح والتعديل والتوثيق والضعيف وعلل الحديث.
ولقد ظن بعض الناس الذي يقدسون أقوال الرجال ولا يبحثون عن الأدلة أن أتباع أحمد والبخاري وأبي زرعة مثلا في توثيق رطل أو تضعيفه هو اتباع لأقوال هؤلاء العلماء الأفذاذ من غير دليل، فقالوا لنا: ترفضون أقوال الفقهاء الكبار إن لم بكن عليها دليل وأنتم تتركون الرجل لمجرد قول أبي حاتم: لا يحتج به وتحتجون بحديث آخر لمجرد قو ل سفيان: ثقة ثقة!! أليس هذا إتباعا بغير دليل؟؟! نقول لهم: لا قطعا، ما من كلمة تضعيف أو توثيق إلا ولها أدلة تحكم المسألة وتبين القول الفصل فيها، ومن أجل هذا البحث الهام ومن أجل أن توضع مسألة اتباع أهل الجرح والتعديل في نصابها الصحيح كتبنا هذا المبحث العظيم، ونعود ونؤكد على عظم أهميته ومكانته، والله الهادي إلى سواء السبيل.
كيف توثق الرواة وتضعف؟
¥