تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك قال الدار قطني: ((المرسل لا تقوم به حجة)).

وخرّج مسلم في مقدمة كتابه من طريق بن سعد عن مجاهد قال: ((جاء بشير بن كعب العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس مالي أراك لا تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تسمع! فقال ابن عباس: ((إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعبة والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف)).

ثم قال مسلم في أثناء كلامه: ((المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة)).

القول الثاني في المسألة: الاحتجاج بالمرسل:

وحكاه الترمذي عن بعض أهل العلم، وذكر كلام إبراهيم النخعي: ((أنه كان إذا أرسل فقد حدثه به غير واحد. وإن أسند لم يكن عنده إلا عمن سماه)).

وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة

وقد قال أحمد في مراسيل النخعي: ((لا بأس بها)).

وقال ابن معين: ((مرسلات المسيب أحب إلىّ من مرسلات الحسن، ومرسلات إبراهيم صحيحه إلا حديث تاجر البحرين، وحديث الضحك في الصلاة)).

وقال أيضاً: ((إبراهيم أعجب إلىّ مرسلات من سالم والقاسم وسعيد بن المسب)).

قال البيهقي: والنخعي نجده يروي عن قوم مجهولين لا يروي عنهم غيره. مثل هني بن نويرة، وحزامة الطائي، وقرثع الضبي، ويزيد بن أوس، وغيرهم)).

وقال العجلي: ((مرسل الشعبي صحيح لا يكاد يرسل إلا صحيحاً)).

وقال الحسن بن شجاع البلخي سمعت علي بن المديني يقول: ((مرسل الشعبي وسعيد بن المسيب أحب إلىّ من داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس)).

وقد استدل كثير من الفقهاء بالمرسل وهو الذي ذكره أصحابنا أنه الصحيح عن الإمام أحمد.

وهو قول أبي حنيفة، وأًحابه، وأًحاب مالك أيضاً. هكذا أطلقوه، وفي ذلك نظر سننبه عليه إن شاء الله تعالى.

وحكى احتجاج بالمرسل عن أهل الكوفة، وعن أهل العراق جملة.

وحكاه الحاكم عن إبراهيم المخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، وصاحبيه.

وقال أبو داود السجستاني في رسالته إلى أهل مكة: ((وأما المراسيل، فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكام فيه، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره)).

قال أبو داود: ((فإن لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يوجد مسند فالمراسيل يحتج بها، وليس هو مثل المتصل في القوة)). انتهى.

واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ

وكلام الفقهاء في هذا الباب

فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلاً، وهو ليس بصحيح على طريقهم، لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث.

فإذا اعضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه، فاحتج به مع ما اختلف به من القرائن.

وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة

كالشافعي وأحمد، وغيرهما، مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ.

وقد سبق قول أحمد: ((مرسلات ابن المسيب صحاح)).

ووقع مثله في كلام ابن المديني، وغيره.

قال ابن المديني – في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه -: ((هو منقطع، وهو حديث ثبت)).

قال يعقوب بن شيبة: ((إنما استجاز أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند – يعني في الحديث المتصل ـ لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر)).

وقد ذكر ابن جرير وغيره: ((أن إطلاق القول بأن المرسل ليس بحجة، من غير تفصيل بدعة حدثت بعد المائتين)).

* تحقيق مذهب الشافعي وأحمد في المرسل *

ونحن نذكر كلام الشافعي وأحمد في ذلك بحروفه:

قال الشافعي رحمه الله تعالى في الرسالة: ((والمنقطع مختلف، فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التابعين فحدث حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتبر عليه بأمور، منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير