وشاهده حديث أبى هريرة. أخرجه يحيى بن يحيى فى ((الموطأ)) (60): عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ، فَقَالَ: ((السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا))، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ؟، قَالَ: ((بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ))، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ؟، قَالَ: ((أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ!))، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ((فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَلا يُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ أَلا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا فَسُحْقًا)).
وأخرجه كذلك أحمد (2/ 408،300)، ومسلم (249)، والنسائى ((الكبرى)) (1/ 95/143) و ((المجتبى)) (1/ 94)، وابن ماجه (4306)، وأبو يعلى (6502)، وابن خزيمة (6)، وأبو عوانة ((المسند)) (362،361،360)، وابن حبان (7240)، وأبو نعيم ((المسند المستخرج)) (1/ 309/582)، والبيهقى ((الكبرى)) (1/ 82) و ((شعب الإيمان)) (3/ 16/2743) من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبى هريرة به.
وموضع الشاهد من حديث أبى هريرة: التفريق بين الإخوان والأصحاب، وقد أسهب ابن عبد البر فى بيانه، فليراجع.
[الحديث الثانى] أخرجه ابن عدى (3/ 94) من طريق محمد بن معن عن داود بن خالد عن محمد بن المنكدر عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي، وهو على ناقته، تذرف عيناها، وتزيف بأذنيها.
[الحديث الثالث] أخرجه ابن عدى (3/ 94) من طريق يحيى بن قزعة ثنا أبو سليمان داود بن خالد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الذي يتولى القضاء بين الناس هو المذبوح بغير سكين)).
وأخرجه كذلك البيهقى ((شعب الإيمان)) (6/ 74/7532)، وابن الجوزى ((العلل المتناهية)) (1262) كلاهما من طريق ابن عدى به.
قلت: وأرى أن هذا الحديث فى إسناده نقصاً، فإنه لو كان لداود بن خالد حقاً، لكان بين يحيى بن قزعة وبينه رجلاً، فإنه فى طبقة شيوخ شيوخه والله أعلم
[الحديث الرابع] أخرجه الدارقطنى (2/ 157/6) من طريق الواقدى ثنا داود بن خالد بن دينار ومحمد بن مسلم عن المقبري عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم ستة: اليوم الذي يشك فيه من رمضان، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق.
[الحديث الخامس] أخرجه الحارث بن أبى أسامة كما فى ((زوائد الهيثمى)) (174) من طريق الواقدى ثنا داود بن خالد بن دينار عن يزيد بن قسيط عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقرأ في الصبح بـ ((والليل إذا يغشى)) و ((والشمس وضحاها)).
فهذه خمسة أحاديث لداود بن خالد، وله غيرها، إلا أنها محتملة أن تكون لغيره مما شابهه فى الاسم والكنية. وأصح هذه الخمس أولها، وثانيها محتمل، وبقيتها ضعاف من جهة أسانيدها، لأن الواقدى بيِّن الأمر فى الضعفاء.
الوجه الثالث: ذكر من وثَّقه
وأما توثيق داود بن خالد بن دينار أبو سليمان المدنى، فمما لا أرتاب فيه ولا أشك. فقد وثقه أحمد بن صالح العجلى ((معرفة الثقات)) (1/ 340/420) قال: ((داود بن خالد بن دينار ثقة)). وذكره ابن حبان فى ((ثقاته)) (6/ 285/7752). وقال أبو أحمد بن عدى فى ((الكامل)) (3/ 94) بعد ذكره للثلاثة الأحاديث الأوَّل: ((وأرجو أنه لا بأس به)). وقال الحافظ الذهبى ((الكاشف)) (1/ 364): ((وثق)). وقال الحافظ ابن حجر ((التقريب)) (1/ 168): ((صدوق من السابعة)). فإذا انضاف إلى هذه النقول عمن عرف حاله: الاعتبار برواياته، قوى أمره، لأن ضعاف أحاديثه إنما مرجع الضعف فيها إلى غيره كالواقدى، لا إليه. والحمد لله أولاً وآخراً، وسبحان الله وبحمده.