تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

توضيح: ونعني من قولنا المذكور بأن الأحاديث القدسية من كلام الله تعالى هذا عند تلقي الرسول- صلى الله عليه وسلم- هذه الأحاديث ورِوايته لها عن ربه تعالى وقبل تصرف الرواة في نقلها بالمعنى أو نقل بعضها حيث إن كثيراً من العلماء الذين يجيزون رواية الأحاديث النبوية بالمعنى للعالم البصير بمدلولات الألفاظ ومفاهيمها أجازوا أيضا رواية الأحاديث القدسية بالمعنى بالشروط التي شرطوها في رواية الحديث النبوي بالمعنى وإن لم أقف على هذا التصريح فيما بحثت من السلف بالتخصيص أعني على جواز رواية الأحاديث القدسية بالمعنى وإنما قاسوها على الأحاديث النبوية بصفة كونها أحاديث، ولأجل ذلك ما نستطيع الجزم في حديث ما من الأحاديث القدسية بأن لفظه ومعناه من كلامه تعالى جزمنا بآية أو بسورة بأنها من كلام الله تعالى وذلك لعدم جواز رواية القرآن بالمعنى بالاتفاق ولكونه متواترا.

ومن هنا نجد في الأحاديث القدسية بعض الاختلاف في ألفاظها زيادة ونقصانا في الرواية الواحدة لعله من هذا القبيل- والله أعلم-.

فنذكر نماذج من ذلك على سبيل المثال:

ففي صحيح البخاري [23] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: "من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة"، وعنده في رواية أخرى بتقديم "فليخلقوا حبة" وبدون قوله "أو شعيرة" وجاء عند مسلم [24] بزيادة "خلقا" بعد قوله: "يخلق" وكذا عنده "فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا شعيرة" بدل حبة.

وأيضاً في صحيح البخاري [25] عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة" وأخرجه الترمذي [26] أيضاً من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: إن الله يقول: "إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة".

وكذا رواه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا قال: يقول الله عز وجل: "من أذهبت حبيبتيه وصبر واحتسب، لم أرض له ثوابا إلا الجنة" [27].

ومن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري [28] عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه- عز وجل- قال:

"إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة".

وكذا رواه عن أبي هريرة مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ قال: يقول الله: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإذا عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد عبدي أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" [29]، فنلاحظ بين الروايتين الفرق والتقديم والتأخير وجاء عند مسلم [30] بلفظ قال الله عز وجل: "إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها، كتبتها له حسنة، فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه، فإن عملها كتبتها سيئة واحدة"، وفي رواية أخرى عنده "إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها له بعشر أمثالها" فذكر الحديث مع اختلاف في اللفظ.

وهكذا ترى الاختلاف في الحديث الواحد وذلك في نظري لعله نتيجة لجواز رواية الحديث القدسي بالمعنى وتصرف الرواة في نقلها والله أعلم.

وكذلك يحصل في الأحاديث النبوية مثل هذا الاختلاف ولكننا لا نقول في جميع ما يُضيفه إليه أصحابه أن الألفاظ منهم والمعنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في أحاديث معينة صرّح العلماء بأنها رواية بالمعنى فكذلك لا نقول في جميع ما يُضيفه رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى الله تعالى- بأن اللفظ منه صلى الله عليه وسلم والمعنى من عند الله تعالى، نعم يمكن أن يصدق في بعض الأحاديث القدسية التي رويت بالمعنى وتبين لنا ذلك أو في الأحاديث التي فيها قرائن تدل على أن اللفظ من الرسول والمضمون من الله تعالى ولا سيما فيما لم يصرح بقال الله أو يقول الله مثل حديث: "فرض

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير