يقول الشيخ عبد الغني عبد الخالق عن تلك الطبعات: وقد اهتمت دور النشر المختلفة بهذه النسخة يعني ((السلطانية)) الجيدة، فأعادت طبع ((الجامع الصحيح)) على وفقها وبحسب تبويبها وتقسيمها، فطبع في الخيرية سنة 1320هـ، والميمنية 1323هـ، وقد ذكر في مقدمتها: أنه قد تلوفيت فيها الأخطاء الواقعة في النسخة ((السلطانية))، ولكن بالتتبع والمراجعة تبين أن فيها أخطاء كثيرة (11).
كما اطلعت على نسخة من ((الصحيح)) برواية أبي ذر الهروي عن مشايخه الثلاثة: السّرخسي، والمستملي، والكشميهني، مع فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله، تقديم وتحقيق وتعليق فضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد (12):
وقد ذكر المحقق أن الباعث له على إخراج هذا العمل أن الحافظ ابن حجر قد ذكر أنه سيقتصر في شرحه للجامع الصحيح على أتقن الروايات عنده، وهي رواية أبي ذر الهروي عن مشايخة الثلاثة لضبطه لها، وتمييزه لاختلاف سياقها، مع التنبيه إلى ما يحتاج إليه مما يخالفها.
وقد غفل عامة من جمع متن ((البخاري)) مع ((فتح الباري)) عن شرط الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقد جاءت جميع المتون التي خُطت أو طبعت مع ((فتح الباري)) ملفقة للرواة الآخرين.
ولذلك تجد كثيراً ما يشرح الحافظ ابن حجر كلمات لا وجود لها في المتن، أو نجد كلمات في المتن لا وجود لها في ((فتح الباري)) (13).
وقد اعتمد في التحقيق على نسخة مكونة من خمسة مجلدات، وقد فقد منها المجلد الثالث (14)، وقد أكمل النقص من نسخة أخرى (15).
ويُلاحظ على هذه الطبعة:
أولاً: لم يذكر المحقق - حفظه الله - مستنده في أن النسخة الخطية الأزهرية هي من رواية أبي ذر الهروي، خاصة وأن القسم الأول منها مفقود، وليس في صورة غلاف الجزء الخامس وكذا في الصفحة الأولى والثانية والأخيرة من الجزء أي إشارة إلى ذلك (16).
كما أشار المحقق إلى وجود اختلافات بين النسختين، وهذه الاختلافات دليل آخر على أن هذا الجزء يُحتاج فيه إلى التثبت (17).
كما يحتاج الأمر إلى مزيد من الأدلة العلمية حتى يمكن الوثوق بأن هذا الجزء هو من رواية أبي ذر حتى يمكن إضافته إلى الأجزاء الأخرى الثابت نسبتها إليه على بينة.
ثانياً: أن الحافظ ابن حجر يروي ((نسخة أبي ذر الهروي)) من طريق عبد الله بن محمد المكي، عن الطبري، عن أبي القاسم المكي، عن أبي الحسن الطرابلسي، عن أبي مكتوم عيسى ابن الحافظ أبي ذر عن أبيه (18).
أما النسخة المطبوعة فهي برواية أبي علي الصدفي، عن أبي الوليد الباجي، عن أبي ذر الهروي (19).
والحافظ قد وقف على أكثر من رواية عن أبي ذر الهروي (20)، وهاتان الروايتان وإن كانتا عن أبي ذر الهروي لكن يقع بينهما بعض الاختلاف، فكان الأولى بالمحقق - حفظه الله - أن يثبت نص المخطوطة في طباعته وهي راوية أبي علي الصدفي، وعدم الخلط بين الروايتين، بل إن المحقق ترك الروايتين واعتمد على ما ذكره الحافظ ابن حجر؟! وللحافظ مبرر سيأتي ذكره.
يقول المحقق: وقد يقع أن تتفق ((نسخة المسجد النبوي))، و ((نسخة الأزهر)) على لفظ من الألفاظ، التي لا تتصل بالرواية، وإنما في العناوين كلفظ ((كتاب))، أو ((باب))، أو تقديم البسملة على الكتاب، أو الباب، أو تأخيرهما عنهما، ويخالف الحافظ ابن حجر ما في النسختين كما وقع في أول ((التيمم)) حيث جاء في النسختين: بسم الله الرحمن الرحيم: كتاب التيمم، وقد قال الحافظ في الفتح: قوله: (باب التيمم) البسملة قبله لكريمة، وبعده لأبي ذر. ا. هـ.
يقول المحقق: وهذا يدل على أن الرواية التي اعتمدها الحافظ يعني ابن حجر في (التيمم) هنا ليست رواية الصدفي، ونظراً لاعتبارنا أن الحافظ يعتبر حكماً عند الاختلاف فقد اخترنا أن نكتب (باب التيمم) لا (كتاب التيمم)، وإن كان متفقاً عليه في النسختين؟!
وهذا التصرف من المحقق لا يوافق المنهج العلمي الصحيح، إذ كان ينبغي له التقيد بنسخة المخطوطة رواية أبي علي الصدفي، وإثبات ما ورد فيها.
ومما يؤيد أن رواية أبي ذر وقع فيها ((كتاب)) وليس ((باب)) تنصيص الحافظ القسطلاني أن رواية أبي ذر وقع فيها كذلك ويشاركه في ذلك من الرواة: أبو الوقت والأصيلي وابن عساكر (21).
¥