من خلال الوقوف على كلام الإمام الساجي في الجرح والتعديل في كتب الأئمة الذين نقلوا عنه، يمكننا أن نتعرف على أهم السمات التي يتسم بها منهجه في كلامه على الرواة جرحاً وتعديلاً، ويمكن إجمالها في النقاط التالية:
(1) أن الساجي قد يذكر الراوي في كتابه لا لكونه ضعيفاً بل ليدفع عنه ما اتهم به،
أو؛لأنه تكلم فيه، وإن كان الكلام مردوداً.
قال ابن حجر في ترجمة عطاء الجمال:
نقل ابن أبي حاتم وغيره أن ابن معين ضعفه، وذكره بسبب ذلك العقيلي والساجي في الضعفاء ().
ومن الأمثلة على ذلك قول الساجي في ترجمة الحسين بن الحسن البصري:
ثقة صدوق مأمون، تكلم فيه أزهر بن سعد فلم يلتفت إليه، ومثله يجل عن هذا الموضع – يعني كتابه الضعفاء – وإنما وضعناه ليعرف بموضعه، ولئلا يغلط عليه فيذكر بالضعف ().
وقال في ترجمة عبيد الله بن محمد التيمي:
صدوق رمي بالقدر وكان بريئاً، سمعت ابن أخيه يذكر ذلك … وإنما ذكرناه لئلا يغلط فينسب إلى بدعة ().
(2) يذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في الراوي.
ومن الأمثلة على ذلك قوله في ترجمة الحسن بن صالح:
كان وكيع يحدث عنه ويقدمه، وكان يحيى بن سعيد يقول: ليس في السكة مثله، وحكى عن ابن معين أنه قال: ثقة ثقة ().
وقال في ترجمة عمران بن داور: صدوق وثقة عفان ().
وقال في ترجمة فرقد السبخي: كان يحيى بن سعيد يكره الحديث عنه ().
وقال في ترجمة ليث بن أبي سليم: كان يحيى القطان بآخرة لا يحدث عنه، وقال ابن معين: منكر الحديث، وكان صاحب سنة روى عنه الناس ().
(3) يهتم بذكر البدعة إذا كان الراوي متلبساً بها.
ويظهر ذلك من خلال تسميته لكتابه، حين سماه " كتاب الضعفاء والمنسوبين إلى البدعة من المحدثين والعلل ".
ومن الأمثلة على ذلك – وهي كثيرة -:
قوله في ترجمة إسحاق بن حازم: صدوق يرى القدر ().
وقوله في ترجمة الحسن بن صالح: صدوق وكان يتشيع ().
وقوله في ترجمة موسى بن أبي كثير: قذف بالقدر والإرجاء ().
وقوله في ترجمة هارون سعد العجلي: كان يغلو في الرفض ().
وقوله في ترجمة إسحاق بن أبي إسرائيل: تركوه لموضع الوقف، وكان صدوقاً ().
(4) قد يبين إذا كان الراوي الموصوف بالبدعة.
أ - قد رجع عن بدعته.
ب - أو كان داعية إليها.
ج - أو أنه بريء منها.
ومن الأمثلة على القسم الأول:
قوله في ترجمة مسلم بن خالد الزنجي: كان يرى القدر، وقد روى عنه ما ينفي القدر ().
ومن الأمثلة على القسم الثاني:
قوله في ترجمة شبابة بن سوار: صدوق يدعو إلى الإرجاء ().
وقوله في ترجمة عمرو بن عبيد: كان قدرياً وكان داعية ().
ومن الأمثلة على القسم الثالث:
قوله في ترجمة عبيد الله بن محمد التيمي: رمي بالقدر وكان بريئاً منه ().
(5) يبين إذا كان للراوي أحاديث منكرة أو باطلة، ويذكر أمثلة لذلك، وقد يصفها بالكثرة والطول.
ومن الأمثلة على ذلك قوله في ترجمة أسيد بن زيد الجمال:-
سمعت أحمد بن يحيى الصوفي يحدث عنه بمناكير، ومن مناكيره حديثه عن شريك بن عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ().
وقوله في ترجمة الحسن بن أبي جعفر البصري:-
منكر الحديث، ومن مناكيره حديث معاذ: كان يعجبه الصلاة في الحيطان ().
وقوله في ترجمة عمر بن هارون البلخي:
سمعت أبا كامل الجحدري، ومحمد بن موسى يحدثان عنه بمناكير يطول شرحها ().
(6) يفسر أحياناً كلام الإمام في الراوي.
ومن الأمثلة على ذلك قوله في ترجمة عمر بن عبد الله الثقفي بعد نقله لقول زائدة أنه يشرب الخمر:-
فأحسبه رآه يشرب شيئاً من هذه الأنبذة التي هي عند من يرى أنها حرام خمر ().
وقوله في ترجمة عمرو بن عبيد:
قال يحيى بن سعيد: رأيته يصلي في مسجده خلاف صلاته في منزله نسبه إلى الرياء ().
(7) قد يبين سبب كلام الإمام في الراوي.
ومن الأمثلة على ذلك قوله في ترجمة الحسن بن صالح:
وكان عبد الله بن داود الخريبي يحدث عنه ثم يطريه، ثم كان يتكلم فيه ويدعو عليه ويقول: كنت أؤم في مسجد الكوفة فأطريت أبا حنيفة، فأخذ الحسن بيدي ونحاني عن الإمامة. قال الساجي: فكان ذلك سبب غضب الخريبي عليه ().
وقوله في ترجمة عبد الوارث بن سعيد:
كان قدرياً صدوقاً ذم لبدعته ().
وقوله في ترجمة علي بن عاصم التيمي:
¥