تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وصنفٌ آخر من الباحثين ليس عنده استعداد أن يقرأ في الموضوع المقترح وأن يجرد من أجله الكتب للنظر في مدى صلاحه للبحث العلمي وتوفر الشروط العلمية الأكاديمية فيه فهو يريد موضوعا جاهزاً مجرد أنه يشرع في العمل.

ويلاحظ أنّ هناك مسائل ليست بالقليلة تتعلق بمنهج المتقدمين لم تبحث البحث الدقيق الذي يوضح منهج المتقدمين فيها من خلال السبر والتتبع والتحليل، وهناك أئمة لهم إسهامات جيدة في علوم الحديث لمّا يفردوا ببحوث بعد، وقد ذكرت بعضهم في كتابي «جهود المحدثين في بيان علل الحديث».

وأنبه أنه من المفيد أخذ رأي المتخصيين في هذا الفن ومن لهم باع طويل فيه أمثال: الشيخ أحمد معبد عبدالكريم، والشيخ عبدالكريم الخضير، والشيخ عبد الله السعد، والشيخ سعد الحميد، والشيخ إبراهيم اللاحم، والشيخ حمزة المليباري، والشيخ خالد الدريس، والشيخ محمد التركي وغيرهم كثير ممن لم يحضرني اسمه ممن له إسهامات في هذا الفن.

وكذلك من فوائد «ملتقى أهل الحديث» طرح مثل هذه الموضوعات للمذاكرة فيها، وأقترح وضع ركن «موضوعات مقترحة للرسائل العلمية» بحيث يطرح موضوع يتم تداوله بين الأعضاء من حيث: أهمية الموضوع، أثره، أسباب دراسته، الدراسات السابقة، حدوده، خطة البحث وتفصيلاته ... ونحو ذلك من البيانات، وفي ظني أنّ طلاب الدراسات العليا –في مختلف الجامعات الإسلامية في العالم-من أول من يشارك في هذا الركن، ومن الممكن مخاطبة المتخصصين لأخذ رأيهم في هذه الموضوعات والعناوين المقترحة، ونحاول من خلال هذا الركن العناية بمنهج المتقدمين، ومعالجة بعض القضايا التي تحتاج إلى تحرير، والله الموفق.

? ? ? ?

سؤال7: متى تتكامل ملكة التعليل لدى المرء؟

الجواب:

كنت كتبتُ مقالا في مجلة البيان بعنوان «كَيْفَ نُقَرّب عِلْمَ عِلَلِ الحَدِيث لطلاب الحَدِيث ونحببه لَهُمْ؟» وفيه إجابة على هذا السؤال وقد نبهتُ في المقال على أمرين:

الأول: التنبه لقاعدةٍ جميلةٍ نصّ عليها إمام العلل في زمانه عَلِيّ بن الْمَدِينِيّ، وهذه القاعدة يغفل عنها كثيرٌ من الناس. قال يعقوب بن شيبة: قَالَ عَلِيّ بن الْمَدِينِيّ: لا يقاس الرجل إلا بأقرانه وأهل زمانه؛ فلقد قُلْتُ مَرَّةً: سَعِيد أَعْلَم من حَمَّاد بن زَيْد، فبلغ ذَلِكَ يَحْيَى بن سَعِيد، فشق ذَلِكَ عليه؛ لئلا يقاس الرجل بمن هو أرفع منه لا يَقُول: سُفْيَانُ أَعْلَم من الشعبي، وأيُّ شيء كَانَ عند الشعبي مما عند سُفْيَان؟ وقيل لعلي بن الْمَدِينِيّ: إن إنساناً قَالَ: إنَّ مالكاً أفقه من الْزُّهْرِيّ، فَقَالَ عَلِيّ: أنا لا أقيس مالكاً إِلَى الْزُّهْرِيّ، ولا أقيس الْزُّهْرِيّ إِلَى سَعِيد بن الْمُسَيَّب، كل قوم وزمانهم.

لذا ينبغي التفطن إلى هذه القاعدة وعدم المفاضلة بين مختلفي الأزمنة، وكذلك ملاحظة - وهذا الشاهد للمقال - أنه من الصعوبة - وربما من المستحيل - أن يبرز أحدٌ في علل الحديث كما برز أولئك.

الثاني: وفي زماننا هذا - والضعف العلمي والعملي سمةٌ بارزة فيه -أرى أنّ من عَرَف مصطلحات علماء الحديث - بالجملة - ومناهج أئمة العلل وطرائقهم في هذا الفن، وأدمن النظر في كتب العلل مع جودة الفهم، ودِقَّة في النظر، وحفظ الرجال الذين تدور عليهم الأسانيد، ومراتب الرواة وطبقاتهم، وطرق وقرائن الترجيح، والجمع فهو من العارفين بعلل الحديث.

ومما قلته في المقال الآنف الذكر:

كيف يعالج القصور في هذا العلم-علم العلل-؟

من طرق علاج القصور في هذا الفن ـ في رأيي ـ طريقان:

أ - كثرة القراءة في كتب العلل النظرية والتطبيقية - كعلل الترمذي الكبير، وعلل ابن أبي حاتم، وعلل الدارقطني وكتابه: التتبع، وعلل ابن عمّار الشهيد، ومبحث «الحديث المعلول» في كتب علوم الحديث - فإنْ غلب على قراءتها فلا يغلب على كتابين: الأوَّل: التمييز للإمام مسلم بن الحجاج، والثاني: كتاب «شرح علل الترمذي» لابن رجب، وأرى أنَّ الكتابين ـ من أولهما إلى آخرهما ـ من أحسن ما يقرر على طلاب الحديث لفهم العلل ومعرفة طريقة النقاد فيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير