ـ[عبدالسلام احمد محمد]ــــــــ[30 - 05 - 05, 02:49 ص]ـ
توقفنا معرفة أصحاب الرواة على جانب هام من علم العلل وهو عرض الروايات المختلفة عن الشيخ مدار التعليل , والمقارنة بينها للوصول إلى العلة , وهذا ما عبر عنه الإمام مسلم بقوله:
" وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها ".
وسماه الدكتور أحمد نور سيف المعارضة حيث قال:
"المعارضة: هي مقابلة المرويات بعضها ببعض ومقارنتها، ومن الملاحظ أنهم يشيرون إليها دائما في الفحص والتنقيب نظراً لأهميتها واعتمادهم عليها، وكما ينكشف بها كذب الرواة وانتحالهم ما ليس من حديثهم , يتكشف بها كذلك جوانب كثيرة من وهم الرواة وسهوهم وغلطهم فيحكم على الراوي بالضبط والإتقان, أو الخلل اليسير أو الكثير مع صدق في اللسان".
فعرض الروايات بعضها على بعض والمقارنة فيما بينها، يُؤدي وبشكل متقن إلى الكشف عن الحالات التالية للرواية, والرواية في جملتها لا تخرج عن واحدة منها , وهي:
أولا: المشاركة: أن يشارك الراوي غيره بالموافقة على طريقة الرواية متابعة أو شاهداً.
ثانيا: المخالفة: أن يخالف الراوي غيره، سنداً أو متنا، أو هما معا.
ثالثا: التفرد: أن يتفرد الراوي بالحديث دون غيره سنداً أو متنا، أو هما معا.
وأمام هذه الحالات الثلاث من الرواية يأتي أثر معرفة أصحاب الرواة بيِّنا, وذلك من خلال:
أولا: وضع ميزان الرواية عن كل شيخ , وهم أهل الحفظ والرضا , والذين بروايتهم يتميز حديث أصحاب الشيخ. ورواية هؤلاء تمثل قمة الحديث المقبول وهو ما اتفق على اعتباره صحيحاً.
ثانيا: قياس روايات أصحاب الشيخ الآخرين على جملة رواية هؤلاء , للوصول إلى معرفة حالهم ومرتبتهم في الشيخ.
ومن هنا تأتي الأحكام النقدية على هذه الأحوال الثلاثة , وهي:
حال المشاركة: ارتبطت مشاركة الرواة لأئمة الحفظ والرضا بالمقبول على الغالب العام , إلا أن يكون المشارك أو المتابع من المتروكين الذين لا عبرة ولا كرامة لروايتهم , أما من هو فوق ذلك فيشمل مشاركاتهم اسم الحديث المقبول , على خلاف بين العلماء في تسميه:
ـ فمنهم من ألحق ذلك بمسمى الصحيح كما فعله البخاري ومسلم في إخراج طائفة من أحاديث الضعفاء الذين وافقوا الثقات في أحاديثهم.
ـ ومنهم من أطلق عليه الحسن كما فعل الترمذي في غير حديث , و دمج بينه وبين الصحة.
ـ ومنهم من قسم المقبول إلى أربعة أقسام: بالصحيح لذاته ولغيره , والحسن لذاته ولغيره. كما هو في كتب المصطلح.
وليس مقامنا هذا مقام تحرير لتلك المصطلحات إنما يكفينا أن اسم المقبول يشملها , وهذا قدر متفق بين الجميع.
حال المخالفة والتفرد: لا يحكم عليهما بأحكام مطلقة , إنما يؤخذ في الحكم عليها الاعتبارات المختلفة التي تربط الصاحب بالشيخ من:
ـ معايير التقدم والتأخر في الشيخ.
ـ وأسباب الاختلاف في الأحاديث.
ـ و قرائن الترجيح والتعليل المختلفة.
لتوضع كلها أمام الناقد ليصل في النهاية إلى الحكم الدقيق لواقع المخالفة والتفرد. والتي إما أن تكون مقبولة أو مردودة.
فالمخالفة والتفرد المقبولين إنما بنيا في أصل قبولها على سعة رواية الشيخ , وتعدد أوجه الرواية عنه , وإكثاره من الرواية مما جعلنا نتأكد من إمكانية تفرده عن شيخه.
أما المخالفة المردودة فهي القائمة على أساس الخطأ , والتعارض بين رواية المخطأ ورواية من هو أوثق منه في الشيخ.
وهذا النوع من المخالفة تترتب عليه مباحث متعددة في علم المصطلح , إذ أنه المحور الأصلي الذي بنيت عليه , ومنها:
الشاذ. المنكر. المدرج. زيادة الثقة غير المقبولة. تعارض الوصل والإرسال , وغيرها من مباحث المصطلح التي تدور في فلك المخالفة المردودة.
وأما التفرد المردود فأن مبناه في الأصل إنما يقوم على أساس مخالفة كبار أصحاب الشيخ , ذلك أنه أثبت مالم يثبتوه وهم أولى منه بإيرادها.
علاقة التفرد بالمخالفة:
يرتبط التفرد والمخالفة بعلاقة وثيقة متينة وذلك بالنظر إلى الأساس الذي قبل فيه كل واحد منها، أو ردَّ، وملخص ذلك كما يلي:
أولاً: سعة الاطلاع:
إن سعة الاطلاع من الراوي هي الرابط بين التفرد المقبول والمخالفة المقبولة.
فالتفرد المقبول:
¥