تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد سبق الحافظ ابن حجر جماعة من العلماء في التنبيه على هذا الخطأ في الرواية عند ابن حبان، ومن ثَمَّ الخطأ في التعيين الذي ذكره، ومن هؤلاء المقدسي في "الأحاديث المختارة" حيث ذكر هذا الحديث تحت ترجمة [عبد الله بن موهب الفلسطيني عن عثمان]، وكذلك نبَّه الهيثمي في "مجمع الزوائد" على خطأ رواية ابن حبان.

وقد أدى تنبيه الحافظ ابن حجر ـ ومن سبقه من العلماء ـ والتنويه بهذا الخطأ في التعيين عند ابن حبان، إلى الانتباه إلى وقوع نفس الخطأ عند الطبراني في تعيينه للراوي كما تقدم.

وفي الواقع فإن الرواية التي وقعت فيها التسمية باسم (عبدالله بن وهب) عند ابن حبان والطبراني في معجميه الكبير والأوسط، إنما هي من رواية: (أمية بن بسطام) عن (معتمر بن سليمان عن عبد الملك بن أبي جميلة)، فالوهم من (أمية بن بسطام)، وقد خالفه (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ)، فرواه عن (المعتمر بن سليمان) عن فقال: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ) فذكر الراوي على الصواب.

أخرجه الترمذي في السنن:

(1306) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ يُحَدِّثُ عَنْ [عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ] أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: اذْهَبْ فَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ ... (الحديث).

وبغض النظر عن الخطأ السابق في التعيين، فالقضية هي النظر إلى الأئمة كيف كانوا يقومون بتمييز الرواة إذا لم تسعفهم القرائن الأقوى، وفي الحقيقة، لقد قصرت الطرق بابن حبان والطبراني عن اكتشاف الوهم الذي وقع فيه (أمية بن بسطام) وهو ما يقوم به التخريج، ولهذا لم يتبين لهما الوهم.

وفي الواقع فإن قصور التخريج أو أي خلل فيه يؤدي إلى الخطأ في التعيين إذا توقف التعيين عليه (أي على التخريج)، لا سيما إذا كان التخريج مخالفاً لاستقراء عام أو قرينة عامة يضطر الباحث إلى الركون إليها والاعتماد عليها في تعيين وتمييز الرواة، لا سيما مع قلة الأدوات المتاحة للتعيين الدقيق، فحتى مع الاضطرار غالباً إلى الاعتماد على الشيوخ والتلاميذ من واقع تهذيب الكمال، فإن المزي ـ رحمه الله ـ ربما يذكر من الشيوخ أو التلاميذ في بعض تراجم الرواة الذين لهم تعلق بآخرين ما لا يذكره في تراجم هؤلاء وذلك بالنسبة لأسانيد غير الكتب الستة، فمثلاً تراه يذكر في شيوخ (محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري): (أشعث بن عبد الملك الحمرانى)، ولا يذكر (أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني)، بينما يذكر في تلاميذ (الحداني): (محمد بن أبي عدي).

وهذا يؤدي ـ لضمان عدم المجازفة في التعيين ـ إلى الاضطرار إلى عمل مسح لتراجم المشتبه فيهم ممن يشترك في الاسم والشيخ مثلا، فعلى سبيل المثال ـ وكما سيأتي قريباً ـ فإن جماعة ممن اسمهم (أشعث) يروون عن (الحسن)، وللأسف فإن ضيق الوقت أحياناً قد لا يسمح للباحث بالاستطراد في هذا الاتجاه، والله المستعان.

مثال آخر للخطأ في التعيين نتيجة قصور التخريج من قبل الإمام:

أخرج الطبراني في الأوسط:

(4307) حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: نا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْبَجَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ إِلَّا وهُمَا زَانِيَتَانِ، وَلَا يُبَاشِرُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِلَّا وهُمَا زَانِيَانِ ".

[قال الطبراني]: (لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي مُوسَى إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو يَحْيَى الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ).

نقول وبالله التوفيق:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير