ـ والأصل كذلك أن عطاء بن أبي رباح ليست له رواية بمعنى الرواية عن سعيد بن جبير، إلا شيء نادر قليل من باب الأقران، والأصل أنها حكايات، أو مسائل يشتركان في الفتوى فيها، وتعيين (عطاء) بأنه (ابن أبي رباح) في مثل هذه المواطن تكون له قرائن واضحة لاسيما هيئة النص والتلاميذ، والله أعلم.
ولكل مرجع من مراجع التفسير أسانيده الخاصة لـ (عطاء عن سعيد بن جبير)، فمثلاً ابن أبي حاتم يسلك طريق المصريين، على حين أن الطبري وغيره كما في تفسير مجاهد يسلك طريق (ورقاء) والكوفيين، والله تعالى أعلم.
والأمثلة كثيرة على خصوصية بعض الكتب والمراجع الحديثية بأسانيد خاصة أو رواة محددين، ولعل طريقة الرموز التي يتبعها الحافظ المزي ومن جاء بعده للكتب الستة في التهذيب هي أبسط وأسهل صور التعبير عن اختصاص بعض المراجع بالرواية لبعض الرواة دون البعض، والأمر لا يحتاج إلى إغراق في التفصيل.
لهذا سنذكر ههنا مثالاً آخر للتدليل على سائر الصور الأخرى.
مثال (2)
ـ محمد بن منصور المكي الجواز
ـ ومحمد بن منصور الطوسي
كلاهما يروي عن سفيان بن عيينة، وقد روى النسائي عنهما، بينما روى أبو داود عن (الطوسي) فقط، وذلك وفقا لرموز المزي، ولما ذكرهما المزي في تلاميذ (سفيان بن عيينة) نجد أنه قد رمز لـ (محمد بن منصور المكي الجواز) برمز النسائي (س) فقط، ورمز لـ (محمد بن منصور الطوسي) برمز أبي داود (د) فقط، وهذا يعني التالي:
ـ إذا وقع في إسناد للنسائي: (محمد بن منصور عن سفيان بن عيينة)
فـ (محمد بن منصور) هذا هو (محمد بن منصور المكي الجواز) لأنه هو الذي يروي عنه النسائي عن (ابن عيينة)، ويروي النسائي عن (الطوسي) عن غير (ابن عيينة).
ـ وأما إذا وقع في إسناد لأبي داود: (محمد بن منصور عن سفيان بن عيينة)
فـ (محمد بن منصور) هذا هو (محمد بن منصور الطوسي) لأنه هو الذي يروي عنه أبو داود دون الآخر.
وهذا فقط كمثال لما ذكرناه عن اختصاص بعض المراجع، مع مراعاة أن البيهقي مثلا يروي من طريق أبي داود، وأن ابن عبد البر مثلا يروي من طريق النسائي، وهكذا.
فإما إذا كان الأمر خارج الستة وما ينقل عنها، فيحتاج الأمر إلى استقصاء سواء عن طريق التراجم أو عن طريق استحضار واستقراء الأسانيد من خلال التخريج، لتمييز مَنْ مِنَ الرواة (أو التلاميذ) يختص بأحدهما دون الآخر.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
القاعدة الرابعة: ـ تطبيق المبادئ والضوابط العامة لتعيين وتمييز الرواة في حالة قصور التخريج عن خدمة الإسناد
ونعني بالضوابط والمبادئ العامة: كل معلومة عامة أو ضابط عام أو استقراء عام يمكن الاستفادة منه في تعيين الرواة في جميع الأحوال بوجه عام، وبوجه خاص في المواضع والأحوال التي يفتقر فيها الباحث إلى دليل صريح على التعيين الصحيح، كالتخريج المستوعب الذي يصرح في بعض الطرق بما يميز الراوي، أو نص صحيح معتبر لإمام لم يوجد من يخالفه من الأئمة، أو ما يخالفه من استقراء صحيح، وغير ذلك من الأمور والأدلة الصريحة التي تعين الباحث على التمييز الصحيح للراوي، فإذا افتقر الباحث إليها، فلابد أن يفزع إلى هذه الضوابط والمبادئ العامة، وإلا سيظل الأمر معلقاً وبلا تعيين لكثير من الرواة في كثير من المواضع.
وسنذكر بإذن الله في السطور التالية بعضاً من هذه الضوابط والاستقراءات والمبادئ العامة، على رجاء استكمالها بشكل أتم فيما بعد إن شاء الله، مع المزيد من الأمثلة، على أن هناك خدمة البحوث والدراسات الحديثية التي ستلحق بالموسوعة في إصداراتها وتحديثاتها المقبلة بإذن الله، والتي ستشتمل ـ بإذن الله ـ على الكثير من النماذج العملية والقواعد والبحوث العلمية التي تتطرق لمشكلات الأسانيد، وغير ذلك من أمور المتن والإسناد.
نقول وبالله التوفيق:
من هذه الضوابط والاستقراءات:
1 ـ ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 85):
(وإذا أطلق اسم شيخه حمل على من هو أشهر بصحبته وروايته عنه أكثر، وهذه قاعدة مطردة عند المحدثين في مثل هذا) انتهى كلامه.
ولتمام الفائدة نذكر السياق الذي قال فيه الحافظ ابن حجر هذه العبارة:
قال الحافظ:
(قوله حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن عاصم الأحول
¥