تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أن هذا الحديث كما سيأتي ليس حديث (حيوة بن شريح المصري)، وإنما حديث (حيوة بن شريح الحمصي) فهو الذي يروي عن (بقية)، وهو الذي روى أبو زرعة الدمشقي وغيره عنه وليس عن (المصري) هذا الحديث عن (بقية) كما أن (حيوة بن شريح المصري) لا يعلم له رواية عن (بقية بن الوليد)، والله أعلم.

الثاني: تفاوت ما بين طبقة (حيوة المصري) و (حيوة الحمصي)، فالأول من السابعة، والثاني من العاشرة، وليس ملحوظا في شيوخ المقرئ أنه يروي عن هذه الطبقة المتأخرة، حيث أن وفاة (حيوة بن شريح الحمصي) سنة (224ه) ووفاة (المقرئ) سنة (213ه) أي قبله بأكثر من عشر سنين، كما أن وفاة (بقية) سنة (197ه)، بينما وفاة (حيوة بن شريح المصري) شيخ (المقرئ) فعلا والذي أكثر عنه جدا، كانت سنة (158ه).

الثالث: أن هذا الحديث يرويه ابن راهويه عن بقية مباشرة، في حين أن المقرئ شيخ لابن راهويه، فكان من الأولى أن يروي الإمام أحمد هذا الحديث عن ابن راهويه أو غيره ممن رووه عن بقية، وهم كثر، بدلا من أن ينزل فيه درجتين بغير داع، بل هذا ما حدث بالفعل، إذ وجدت في نهاية هذا البحث أن الإمام أحمد يروي الحديث في موضع آخر عن (زكريا بن عدي) عن (بقية) مباشرة.

الرابع: أن الإمام أحمد يروي عن (حيوة بن شريح الحمصي) مباشرة بلا واسطة، بل ويروي بهذه السلسلة: (حيوة بن شريح الحمصي عن بقية عن بحير بن سعد) في مواضع كثيرة من المسند.

حل الإشكال:

بما أن الإشكال السابق ليس له نظائر في المسند فيما أظن والله أعلم، فينحصر تصور حل الإشكال في ثلاثة احتمالات هي:

الاحتمال الأول: يحتمل أن يكون الصواب والله أعلم: (حدثنا المقرئ (و) حدثنا حيوة بن شريح) بزيادة واو العطف بينهما، فيكون كلاهما يرويه عن بقية كما رواه ابن راهويه وغيره عن بقية، وبعد أن وقفت على رواية الإمام أحمد لهذا الحديث في نهاية هذا البحث عن (زكريا بن عدي عن بقية) أجد أن هذا الاحتمال هو أقرب الاحتمالات وأيسرها، بغض النظر عن تداول بعض العلماء لهذا الإسناد من مسند أحمد بدون التنبيه عليه، كما سيأتي عقب الاحتمال الثالث، والله تعالى أعلم.

الاحتمال الثاني: وهو أبعد من سابقه أن يكون الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد، كما يحتمل أيضا أن تكون كلمة (المقرئ) محرفة عن نسبة أخرى غيرها، مثل: (العوهي) وهي نسبة (أبي حميد الحمصي أحمد بن محمد بن المغيرة بن سيار) الذي روى عنه كما في الموضع (16422) من المسند:

(قال عبد الله بن أحمد حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن محمد بن المغيرة بن سيار، قال: حدثنا حيوة، قال: حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو. . .) فذكر حديثا، والله أعلم.

الاحتمال الثالث: أن تكون كلمة المقرئ مقحمة، ويحتاج تحرير ذلك إلى الوقوف على نسخ جيدة من المسند بالإضافة إلى صنيع الأئمة الذين لهم اهتمام خاص بالمسند وأصحاب النسخ المتقنة منه، مثل الحافظ ابن كثير والمزي والمقدسي وغيرهم.

وقد وجدنا الحديث في (أطراف المسند لابن حجر) وكذلك في (جامع المسانيد لابن كثير) مثلما في المسند: (حدثنا المقرئ حدثنا حيوة بن شريح) إلا أن الحافظ ابن حجر لم تكن لديه نسخ جيدة من المسند كما يتضح من كثرة الأغلاط في الأسانيد في أطراف المسند، وأما بالنسبة لجامع المسانيد لابن كثير، ففي الحقيقة أخشى أنه لا يوثق بالطبعة التي اعتمدنا عليها في أنها لم تنقل عن مطبوعة المسند على حساب ما في مخطوط الجامع، فضلا عن غير ذلك من الاحتمالات.

وإذا استبعدنا احتمال أن تكون الكلمة مقحمة، أو وجود تحريف في النص أو سقوط حرف العطف، فالظاهر والله أعلم أن الحافظين ابن كثير وابن حجر لم ينتبها إلى أن (حيوة بن شريح) في هذا الإسناد إنما هو (الحمصي) وليس هو (المصري)، ولا شك أنهما لهما العذر في ذلك، لأن هذا الإسناد أعني (المقرئ عن حيوة بن شريح) متكرر جدا في المسند، ولكن الوقوف على هذا الموضع على وجه الخصوص جدير بإثارة الانتباه، إذا كان حاضرا في الذهن أن (حيوة بن شريح) في هذا الإسناد إنما هو (الحمصي)، بدلالة الرواية عن (بقية)، وسيتضح فارق الطبقة، مما يدفع إلى تحرير هذا الموضع، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير