وقوله: من التبن، بالموحدة الساكنة. وحاصل حديث ابن عمر هذا، أنه ينكر على رافع إطلاقه في النهي عن كراء الأرض، ويقول: "الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم، هو الذي كانوا يدخلون فيه الشرط الفاسد، وهو أنهم يشترطون ما على الأربعاء، وطائفة من التبن، وهو مجهول".
وفي رواية لنافع، أن ابن عمر كان يؤجر الأرض، قال: فنبئ حديثًا عن رافع، قال: فانطلق بي معه إليه. قال: فذكر عن بعض عمومته، ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كراء الأرض، قال: فتركه ابن عمر فلم يأجُرْه"، رواه "مسلم" بهذا اللفظ.
ومنها رواية سالم بن عبد الله: "أن عبد الله بن عمر كان يكري أرضه، حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله فقال: يا ابن خديج، ماذا تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض؟
قال رافع بن خديج لعبد الله: "سمعت عمّي - وكانا قد شهدا بدرًا - يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض. قال عبد الله: لقد كنت أعلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأرض تُكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث في ذلك شيئًا لم يكن يعلمه، فترك كراء الأرض" رواه مسلم. وأخرج البخاري قول عبد الله بن عمر الذي في آخره.
وفيها رواية أبي النجاشي، مولى رافع بن خديج، عن رافع أن ظهير بن رافع - وهو عمه - قال ظهير: لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقًا، فقلت: وما ذاك؟ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو حق.
قال: سألني كيف تصنعون بمحاقلكم؟ فقلت: نؤاجرها يا رسول الله على الربع، والأوسق من التمر والشعير، قال: "فلا تفعلوا، ازرعوها، أو أُزرِعوها، أو امسكوها""رواه "البخاري"، وفي روايته: "قال رافع: قلت: سمعًا وطاعة"، ورواه مسلم وهذا لفظه.
ومنها رواية سليمان بن يسار، عن رافع بن خديج، قال: "كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكريها بالثلث، والربع، والطعام المسمّى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا: نهانا أن نحاقل الأرض، فنكريها على الثلث، والربع، والطعام المسمّى، وأمر رب الأرض أن يزرعها، وكره كِراها، وما سوى ذلك". رواه "مسلم" بهذا اللفظ، وله طرق.
وممن رواه من الصحابة: "جابر بن عبد الله" وله ألفاظ كلها في "الصحيح"، منها عن جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض".
ومنها، عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعها، فإن لم يزرعها فليُزْرِعها أخاه ".
ومنها، قال "جابر": كان لرجال فضولُ أرضين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له فضل أرض فليزرعْها أو ليمْنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه". ومنها، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له أرض فليزرعْها، أو ليُزْرِعها أخاه، ولا يَكْرِها".
والكلُّ من رواية "عطاء" عنه.
ومنها رواية "سعيد بن ميناء" عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له فضل أرض فليزرعْها أو ليُزرِعها أخاه، وقال ولا تبيعوها" قال الراوي عن ابن ميناء: ما "ولا تبيعوها"؟، يعني الكراء؟ قال: نعم.
وممن روى ذلك من الصحابة "أبو هريرة" رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "من كانت له أرض فليزرعْها أو ليمْنحها أخاه، فإن أبى فليُمسك أرضه". رواه "مسلم" مسندًا عن حسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة، عن معاوية، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وذكره البخاري تعليقًا.
يقول البلقيني: ولذلك سبب، وهو ما جاء عن رافع بن خديج "قال: كنا أكثر أهل المدينة مزرعًا، كنا نكري الأرض بالناحية منها على مسمى، فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما تصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهينا. فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ" رواه البخاري. وعن رافع بن خديج قال: كنا أكثر الأنصار حقلاً، كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، قال: فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك. "فأما الورق فلم ينهنا"، رواه مسلم، وهذا لفظه.
¥