سبب: أخرج أحمد عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يسأل عن الماء، يكون بأرض الفلاة، وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء ".
وقد وُفق محقق "أسباب ورود الحديث" الدكتور يحيى اسماعيل، في إضافة ما يراه من أسباب مناسبة في الهامش فيقول: وللحديث سبب ثان: أخرجه أحمد في 2/ 107، من حديث عاصم بن المنذر، قال: كنا في بستان لنا، أو لعبيد الله بن عبد الله بن عمر، نرمي فحضرت الصلاة، فقام عبيد الله إلى مقْرى البستان، فيه جلد بعير، فأخذ يتوضأ فيه، فقلت: أتتوضأ فيه، وفيه هذا الجدل؟ فقال: حدثن أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان الماء قُلتين أو ثلاثًا، فإنه لا يَنْجس" .. والمَقرى والمَقْراء: الحوض الذي يجمع فيه الماء.
وترك السيوطي حديث الشفاعة، وسببه قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر". والحديث أخرجه أحمد في المسند 1/ 281، والترمذي في أبواب التفسير، تفسير سورة الإسراء 4/ 370، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وترك حديث سؤال النجدي، والذي أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب الزكاة 229، وكتاب الإيمان باب الزكاة من الإسلام 1/ 18، ومسلم في كتاب الإيمان 1/ 141، وأبو داود في كتاب الصلاة 1/ 92 عن طلحة بن عبيد الله قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجدٍ ثائر الرأس، يُسمع دويّ صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوّعٍ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام رمضان. قال: هل عليّ غيره؟ قال: لا إلا أن تطوّع، قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوّع، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق ".
وكذلك لم يذكر حديث: "صلّ فإنك لم تصلّ"، وقد أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الالتفات في الصلاة، عن أبي هريرة 1/ 192.
ولم يذكر حديث: "خذي فِرْصة من مسك"، ولم يذكر حديث: "السؤال عن دم الحيض يصيب الثوب"، وحديث السائل: "أيُّ الأعمال أفضل"، وحديث سؤال: "أيُّ الذنب أكبر". وعلى ذلك، فإن اختيار الإمام السيوطي من هذه الأسباب السابقة، كان يسيرًا، والذي اختاره منها هو من النوع الذي يُذكرُ فيه السبب بطريق آخر، أو في رواية أخرى. ومعنى ذلك أنه اختار في تصنيفه، الطريق الذي يحتاج إلى جهد وتتبع، وليس سؤالاً في حديث، أو موقفًا، أو طرفًا في الرواية نفسها.
ولذلك سنجده قد توسع في الاختيار من الأمثلة الأخرى، التي ذكرها البلقيني بأسباب منفصلة عن الروايات.
فمثلاً ذكر حديثًا أخرجه أحمد، عن السائب بن أبي السائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. وأخرج البخاري عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم ".
سبب: أخرج عبد الرزاق في المصنف، وأحمد عن أنس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي مُحمّة، فَحُمّ الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، والناس قعود يصلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد نصف صلاة القائ م"، فتجشم الناس الصلاة قيامًا.
وأخرج عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمرو، قال: قدمنا المدينة، فنالنا وباءُ من وعك المدينة شديد، وكان الناس يكثرون أن يصلوا في سُبُحتهم جلوسًا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم عند الهاجرة وهم يصلون في سبحتهم جلوسًا، فقال: "صلاة الجالس نصف صلاة القائم" قال: فطفق الناس حينئذٍ يتجشمون القيام.
وذكر كذلك حديث: "لا تصوم امرأةُ وبعلُها شاهدُ إلا بإذنه، غير رمضان"، وذكر سببه في حديث امرأة صفوان بن المعطل.
وذكر كذلك - مع إضافةٍ منه لما وقع عليه - الحديث الذي أخرجه الأئمة الستة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينةُ، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمو ا".
¥