تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما من ضعفه فابن معين وهذا مذكور عنه في روايات كثيرة، فقد نقل الذهبي على أن ابن معين قال: في حديثه ضعف، وهذا ليس بالتجريح الشديد، وكذا ما نقل ابن عدي عن ابن معين في رواية عبد الله بن أحمد قال: سألنا يحيى بن معين عن السدي وابن مهاجر فقال: متقاربان في الضعف، وروى كذلك عبد الله عن أبيه أحمد بن حنبل أنه قال: قال يحيى بن معين يوماً عند عبد الرحمن بن مهدي، وذُكر إبراهيم بن مهاجر والسدي فقال يحيى: ضعيفان ن فغضب عبد الرحمن وكره ما قال، وهذا يقودنا لاستجلاء حقيقة موقف ابن مهدي من السدي هل يراه ضعيفاً كما نقل الفلاس عنه، فيما نقله الذهبي في الميزان؟ أم أن رأيه غير ذلك؟

فمما سبق يدل على أن عبد الرحمن بن مهدي لا يرى السدي ضعيفاً، بدليل هذه الرواية، لأنه كره ما قال ابن معين، أي كره حكمه على السدي وتضعيفه، فإن قيل لعله كره وصف إبراهيم بالضعف ولم يرد السدي، فيقال إن هذه المقولة سيقت في ترجمة السدي، وفي ترجمة إبراهيم بن المهاجر، وذكرها في كل ترجمة يدل على أنهم يرون كل راوٍ من هذين لا يستحق التضعيف، بل لقد وقفت على رواية أقوى في الدلالة على ما ذهبت إليه من أن المراد السدي أيضاً أو بشكل رئيس، وذلك من خلال ما رواه عبد الله بن أحمد في الجرح والتعديل قال: قال أبى: قال لي يحيى بن معين يوما عند عبد الرحمن بن مهدى: السدى ضعيف، فغضب عبد الرحمن وكره ما قال.

وممن نُقل عنهم تضيعفه أبو حاتم وأبو زرعة، فقد ذكر الذهبي وغيره أن أبا حاتم قال: لا يحتج به، وهذا اختصار مخلٌ حيث روى ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: يكتب حديثه ولا يحتج به، وهذا مختلف تماماً إذ إن ما ذكره أبو حاتم يدل على أنه يكتب حديثه للاعتبار، ولكن لا يحتج به استقلالاً، فحديثه عنده من قبيل الحسن لغيره، وهذا أيضاً معنى قول أبي زرعة: لين، فهو من قبيل معنى كلام أبي حاتم، وبهذا يتبين أن كلامهما لا يعد تضعيفاً للسدي بإطلاق، وإنما هو عندهم من مرتبة الاعتبار، والله أعلم.

ثانياً: إن الاختلاف بينهم في توثيقه وقبوله، أو في تضعيفه، والكذب غير وارد إلا في رواية عن الجوزجاني في كتابه أحوال الرجال، وسبق وبينت أن هذا لعله من اختلاف المذهب، حيث ذكر المترجمون للجوزجاني أنه منحرف عن علي رضي الله عنه، وهذا بحد ذاته يجعل كلامه في خصومه مطعوناً فيه، لا سيما إذا انفرد بهذا الكلام، فالجوزجاني منفرد في تكذيب السدي، أما ما نقله ابن الجوزي عن ابن معين أنه كذبه فلا يؤيده نقل، بل إن جميع من ترجم للسدي ذكر أن ابن معين ضعفه فحسب، فتحمل هذه على أنها سبق قلم، ووهم من ابن الجوزي رحمه الله تعالى، وما أكثر أوهامه في الرجال!!

أما ما قاله صاحب مقالة أسانيد التفسير من أن الحافظ السعدي كذبه، وليث بن أبي سليم، ثم ذكر بعد أسطر وقال عنه الجوزجاني: ((كذاب شتام)). يوهم أن مكذبيه كثر، فإن هذا الكلام فيه ما فيه من الأوهام والتلبيس، لأن الحافظ السعدي هو بعينه الجوزجاني، فهل جهل الكاتب هذا؟ أم أراد الاستكثار بذكر المكذبين للسدي؟! أما ما نقله ابن حجر عن الجوزجاني ونسبه لليث بن أبي سليم، فقد رواه كما في النسخة التي بين أيدينا من أحوال الرجال ونسبه للمعتمر بن سليمان عن أبيه، ومع ذلك فقد علق ابن حجر في التهذيب على قول الليث بقوله: ((كذا قال، وليث أشد ضعفاً من السدي))! وهذا كلام ابن حجر وليس كلامي، وهو العارف الخريت بهذا الشأن.

وفضلاً عن هذا وذاك فإن الروايات التي نقلها الجوزجاني سواء أكانت عن ليث، أو سليمان والد المعتمر فهو لم يُسندها، بل قال في كلا الروايتين: حُدِثت عن .... ، وهذا كما هو معلوم ومقرر في علم الحديث منقطع ومردود لجهالة من حدث الجوزجاني، فأرى أن هذا نقلٌ ساقط لا ينبغي أن لا يعتد به أو يُعتمد عليه.

ثالثاً: إن خلاصة أقوال المصنفين في الرجال تؤيد وجهة نظر من مال إلى قبول وتوثيق السدي، فابن عدي بعد أن أسند أقوال موثقيه ومجرحيه قال: وهو عندي مستقيم الحديث، صدوق لا بأس به.

وقال الذهبي في الكاشف: حسن الحديث، قال أبو حاتم لا يحتج به. ولهذا ذكره في جزء من تكلم فيه وهو موثق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير