قال الذهبي في السير:" بقي بن مخلد بن يزيد الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ صاحب التفسير والمسند اللذين لا نظير لهما ولد في حدود سنة (200) أو قبلها بقليل، وسمع من يحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن عبد الله بن بكير وهشام بن عمار وزهير بن عباد الرؤاسي… وأحمد بن حنبل مسائل وفوائد ولم يرو له شيئا في مسنده لكونه كان قد قطع الحديث وسمع من أبي بكر بن أبي شيبة فأكثر، وآخرون وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها وأدخل جزيرة الأندلس علما جما وبه وبمحمد بن وضاح صارت تلك الناحية دار حديث، وكان إماما مجتهدا صالحا ربانيا صادقا مخلصا رأسا في العلم والعمل عديم المثل منقطع القرين يفتي بالأثر ولا يقلد أحدا".
وقال أبو الوليد الفرضي في تاريخه:" ومما انفرد به ولم يدخله سواه مصنف أبي بكر بن أبي شيبة وكتاب الفقه للشافعي بكماله - الأم- وتاريخ خليفة وطبقات خليفة وكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز لأحمد بن إبراهيم الدورقي وليس لأحد مثل مسنده".
ت: ومسنده أكثر حديثا من مسند الإمام أحمد على ضخامته هذا بالرغم من أنه لم يرو عنه شيئا من الحديث كما مر من كلام الذهبي وهو الآن في عداد المفقود ولم يصل إلينا منه سوى وريقات في أسماء الذين روى لهم من الصحابة وما لكل واحد منهم من حديث وهي مطبوعة بتحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري.
قال طاهر بن عبد العزيز الأندلسي:" حملت معي جزءا من مسند بقي بن مخلد إلى المشرق فأربته محمد بن إسماعيل الصائغ فقال:" ما اغترف هذا إلا من بحر" وعجب من كثرة علمه.
أما عن تفسيره، فقد قال الإمام أبو محمد ابن حزم الظاهري:"أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسير بقي لا تفسير محمد بن جرير ولا غيره…".
فصل: في رواية ابن الأحمر وابن سيار لسنن النسائي.
ابن الأحمر هو محدث الأندلس ومسندها الثقة أبو بكر محمد بن معاوية الأموي المرواني القرطبي المعروف بابن الأحمر.
قال الذهبي:"سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى وغيره - يعني ببلده- وارتحل سنة خمس وتسعين فسمع من أبي خليفة الجمحي بالبصرة ومن إبراهيم بن شريك ومحمد بن يحيى المروزي وجعفر الفريابي ببغداد ومن أبي عبد الرحمن النسائي وأبي يعقوب المنجنيقي بمصر وجال ووصل إلى الهند تاجرا ثم رجع إلى الأندلس وجلب إليها السنن الكبير وحمل الناس عنه وكان شيخا نبيلا ثقة معمرا توفي في رجب سنة (385) وقد قارب التسعين".
وابن سيار هو محمد بن قاسم بن سيار الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله البياني مولاهم الأندلسي القرطبي، سمع أباه وبقي بن مخلد ومحمد بن وضاح وفي رحلته من أبي عبد الرحمن الأندلسي و ابي خليفة الجمحي ومطين … توفي في آخر سنة (327) وقيل ثمانية وقد شاخ ".
وقد انفردا عن باقي رواة سنن النسائي برواية عمل اليوم والليلة للنسائي وخصائص علي - رضي الله عنه- ضمن كتاب السنن. قال ابن حجر ردا على صنيع الإمام المزي في إفراده هو أيضا الكتابين عن أصلهما:" …وأفرد العمل والليلة للنسائي عن السنن وهو من جملة كتاب السنن في رواية ابن الأحمر وابن سيار وكذلك أفرد خصائص علي وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار…".
ت: كذا قال ولم يذكر رواية ابن الأحمر لخصائص علي ضمن السنن، وهاهنا فائدة ذكرها السيوطي في البحر الذي زخر وهي أن الأندلسيين - الذين كانوا على مذهب أهل الشام في رأيهم في علي- منعوا ابن الأحمر من رواية كتاب الخصائص، فلعله لهذا السبب لم يشتهر عنه وإلا فهو من رواته والله أعلم.
4) - وانفردوا بأحاديث و آثار لم توجد عند غيرهم:
انفرد المغاربة عن غيرهم بأحاديث وآثار وقعت لهم ولم تقع لغيرهم، وقد روى الحافظ جزء في فضائل افريقية لم يتابعه عل أكثره أحد، وفي مسند بقي بن مخلد أحاديث كثيرة لم تقع للمشارقة كما مر، وكذا في الاستذكار لابن عبد البر وخاصة المحلى لابن حزم فقد صرح المحدث الكبير العلامة أحمد محمد شاكر في تحقيقه للمسند أنه لم يعثر أصلا اكثير من أحاديثه رغم أن رجال أسانيدها ثقات مشهورون، وفي كتاب الشفا للقاضي عياض أحاديث لم يقف لها الإمام السيوطي على أصل، كما في تخريجه المسمى بالمناهل أنظر مثلا: (1/ 20،23،29،41،61،227،235) و (2/ 64،191)، أما الآثار فإن المدونة الكبرى لسحنون، وتفسير يحيى بن سلام وغيرها من الدواوين
¥