تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ت: ثم نقل عن البغداديين مثل ذلك، ومثله أيضا عن الحافظ أبي محمد الرهاوي وهو الذي درج عليه شيوخه من أهل الحديث ثم اختاره وقال:" وأنا-والله الموفق-ان يقول القارئ عند الانتهاء إليها: (حا) ويمر فإنه أحوط الوجوه وأعدلها والعلم عند الله تعالى ".

والذي مال إليه هو الذي ارتضاه المتأخرون من أهل الحديث ومشى عليه المعاصرون. أما المغاربة فانفردوا باصطلاح آخر لحاء التحويل، فقد كانوا يعتبرونها اختصارا لكلمة "الحديث". قال ابن الصلاح:" وذاكرت فيها بعض أهل العلم من أهل المغرب، وحكيت له عن بعض من لقيت من أهل الحديث أنها حاء مهملة،إشارة إلى قولنا "الحديث" فقال لي: أهل المغرب وما علمت بينهم اختلافا يجعلونها حاء مهملة، ويقول أحدهم إذا وصل إليها (الحديث) " (2).

3) - وانفردوا بإطلاق "حدثنا" و"أخبرنا" على الإجازة:

جاء في اللسان (4/ 340):" ومن تركيبات ابن دحية، أنه حدث بصحيح مسلم بسماعه له - زعم- من القاضي أبي عبد الله بن زرقون، أخبرنا به أحمد بن محمد الخولاني، أخبرنا الحافظ أبو ذر الهروي أخبرنا أبو بكر الجوزقي أخبرنا حامد بن الشرقي أخبرنا مسلم.

قال ابن حجر أو لعله الذهبي: وهذا إسناد مركب ولم يسمع أبو ذر من الجوزقي صحيح مسلم على الوجه، وإنما سمع منه أحاديث من حديث مسلم، كان الجوزقي يرويها عن ابن الشرقي، عن مكي بن عبدان عن مسلم، نعم للجوزقي من مكي إجازة عن مسلم، وهذا الإسناد خفي على من لم يعرف طريقة المغاربة في تجويزهم إطلاق أخبرنا في الإجازة، ولا ريب في صحة إجازة كل من ذكر في هذا الإسناد عمن رواه عنه، والله أعلم".

وفي (ص:336 - 337):" وذكر-أي ابن دحية- أنه حدثه بالموطأ عاليا أبو الحسن بن حنين الكتاني وابن جليل القيسي قالا: حدثنا محمد بن فرح الطلاع، أقول فأما ابن خليل فإنه سكن مراكش وفاس، وكان ابن دحية بالأندلس فكيف لقيه وسمع منه؟ وكذلك ابن حنين، فإنه خرج عن الأندلس ولم يعد، بل سكن مدينة فاس ومات بها سنة (596)، فبالجهد أن يكون ابن دحية روى الموطأ عن هذين بالإجازة، فالله أعلم، أو استباح ذلك على رأي من من يسوغ قول حدثني هكذا، ويكون إجازة، لكنه قد صرح بالسماع فيما أرى"اهـ.

ت: ورد التصريح بصيغة الإخبار مع ذكر الإجازة صريحا عند بعضهم، فقد روى أبو العرب القيرواني في "المحن" (ص:61) قال:" وأخبرنا عمرو بن ثور الشامي إجازة قال:حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري…" اهـ.

وقال الذهبي في الموقظة:" أما المغاربة فيطلقون "أخبرنا" على ما هو إجازة، حتى إن بعضهم يطلق في الإجازة "حدثنا" وهذا تدليس…"اهـ.

ت: وليكن هذا نوعا آخر من أنواع التدليس انفرد به المغاربة دون سواهم، لكن اشتهر عن بعض المغاربة أنه ما كان يفرق بين حدثنا وأخبرنا ويعتبرها صيغة واحدة في السماع، ففي الإنباه للقفطي (1/ 208):"قال الشيخ أبو القاسم بن بشكوال قال لنا القاضي أبو عبد الله بن الحاج كان شيخنا أبو مروان بن السراج يقول: حدثنا وأخبرنا واحد ويحتج بقول الله تعالى:} يومئذ تحدث أخبارها {اهـ.

ولكن الظاهر أن عدم التفريق هو مذهب للمتأخرين من المغاربة.

قال الذهبي في السير (22/ 393):" ولمتأخري المغاربة مذهب في إطلاق حدثنا على الإجازة…"اهـ.

4) - وانفردوا بإتقان الكتب وتصحيحها (3):

تصحيح الكتب و تحقيقها من أشق الأعمال وأكبرها تبعة، ولقد صور أبو عمرو الجاحظ ذلك أقوى تصوير في كتاب "الحيوان" فقال:"… ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام فكيف يطيق ذلك المعارض المستأجر ةالحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب … ثم يصير الكتاب تتداوله الأيدي الجانية ةالأعراض المفسدة حتى يصير الكتاب صرفا وكذبا مصمتا…".

وقال الأخفش: إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم نسخ ولم يعارض خرج أعجميا".

وقد ابتكر علماء المسلمين قواعد متينة لتفادي الغلط والسقط والتصحيف الذي قد يقع في الكتب المنسوخة فألفوا التواليف الكثيرة، وعقد لها أهل الحديث أبوابا خاصة، وكان لأهل الصنعة من المغاربة قصب السبق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير