تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السابعة: تحديد أول المتقدمين وآخرهم، أو التاريخ الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين، لا يفيد كثيرًا - في ظني -، وليس معارضُ التقسيم بمستفيدٍ منه، إذ عبارات المتقدمين وأنفاسهم وطريقتهم معلومة واضحة، حتى لو كانت صادرة في عصرنا هذا، فالمسألة ليس لها ضابط متفق عليه، والعبرة بالمنهج، فمن كان على طريقة الأئمة النقاد، واستقى منهم، وسار على نهجهم، فهو ملحق بهم. والله أعلم.

الثامنة: فائدةٌ فيما يدعو إلى الأخذ بمنهج المتقدمين وتقديمهم، فمن ذلك:

1 - سعة حفظهم وتمام ضبطهم:

وهذا بابٌ يطول منه العجب، فهذا الإمام البخاري رحمه الله تعالى يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح، وهذا الإمام أحمد قال عنه أبو زرعة: كان يحفظ ألف ألف حديث فقيل له: ما يدريك؟ قال: ذاكرْته فأخذت عليه الأبواب ... إلخ، وأخبارهم في ذلك مشهورة منثورة.

2 - كثرة ممارستهم للحديث ومدارستهم له بحيث صارت عندهم ملكة يميزون بها ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم من غيرها.

فألفاظ النبوة لها نور فيدركها من طالت ممارسته وكثر حفظه. يقول الأوزاعي: " كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف على الصيارفة فما عرفوا أخذنا وما أنكروا تركنا "، وقيل لعبدالرحمن بن مهدي: إنك تقول للشيء: هذا يصح وهذا يثبت، فعمن تقول ذلك؟ فقال: "أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال: هذا جيد وهذا بهرج أكنت تسأله عن ذلك أو تسلم الأمر إليه؟ " قال: لا، بل كنت أسلم الأمر إليه، فقال: "فهذا كذلك لطول المجادلة والمناظرة والخبرة".

3 - قربهم من الرواة ومعاصرتهم لكثير منهم:

فهذا مما يوجدب تقديم أقوالهم. ورحم الله الذهبي حين قال - فيما سبق نقله عنه -: "وأما نحن فطالت علينا الأسانيد وفقدت العبارات المتيقنة".

4 - جمعهم للطرق ومعرفتهم بالعلل:

وبمعرفة طرق الحديث تتبين علله كما قال علي بن المديني رحمه الله – وكان إماماً في العلل -: "الباب إذا لم تجمع طرقه يتبين خطؤه"، وقال الخطيب البغدادي رحمه الله: "والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان والضبط".

وغير ذلك من الأسباب. ومن تأمل كلامهم وقرأ شيئاً من كتبهم أو نظر في مؤلفاتهم أو اطلع على سيرهم وجهودهم العظيمة في الحفاظ على السنة والذب عنها، كاد أن يوقن أن الله سبحانه وتعالى هيأهم وسخرهم لحفظ دينه وإبلاغ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الأخذَ عنهم والعناية بكتبهم وأقوالهم من المهمات التي لا يستغنى عنها طالب العلم خاصة في باب الحديث ومعرفة الرجال والعلل.

ملحوظة: استفدت في شيءٍ من كلامي هذا من كتاب رائع ماتع للشيخ د. عبد الرحمن الزيد باسم (مناهج المتقدمين في تصحيح الأحاديث وتعليلها) ط. دار العاصمة.

بارك الله فيك، وأحسن إليك، وألهمنا جميعًا الصواب، ووفقنا لطريق الحق والرشاد.

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 - 09 - 05, 06:05 ص]ـ

أحبتي/

1 - ما أخبرت به هو ما فهمته عن مشايخي،ولا أستبيح الكلام في العلم (بوجهة نظري الشخصية) إلا بعد البيان.

2 - بالنسبة لمن فرق من أهل العلم فبإمكان السائل الكريم مراجعة ((نزهة النظر)) باب زيادة الثقة (كمثال فحسب).

3 - أخي السائل لقد قلت ((أما بالنسبة لمخالفة المتأخرين للمتقدمين بالفقه والأصول فأنت تعلم أن علم الأصول القائم على العلوم الكلامية المجردة مذموم وقبيح ولذلك هناك كثير من علماء السلف ذم طريقة الكلاميين)).

والحقيقة أن ما قلته هو أمر قد رزق الهداية والفهم من سلم به، فجزاك الله خيرا وأحسن الله إليك.

وأنا بدوري أقول:إن كتابات المتأخرين في علم الحديث جارية في الأعم الأغلب على أصول متكلمي الأصوليين،

وقد نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم، فدعني أستعير قولك: ((ولذلك هناك كثير من علماء السلف ذم طريقة الكلاميين)).

فأحد الأسباب المهمة التي أدت إلى الفروق المنهجية بين المتقمين والمتأخرين هو أن جل المتأخرين ليسوا من أهل الحديث الخلص، بل فيهم متكلمة وأصوليون وفقهاء، وكل واحد من هؤلاء يغلب عليه علمه فلا يلبس أن يجره إلى علم الحديث فيخلطه به ومن هنا حدثت الفجوة ومن هنا وجب التفريق.

4 - بالله عليك أخي السائل أقصر من حديث البدعة والابتداع هذا، وأكررها:

هناك فرق ظاهر بين العلوم التي يقوم تحرير وجه الحق والصواب فيها على الأدلة النقلية كالاعتقاد والفقه

وبين العلوم الصناعية كالأصول والحديث والنحو والبلاغةت والتي تختلف أدلة الإثبات فيها وتتنوع فتعامل كل مسالة فيها بحسبها.

وللتسهيل والتمثيل: بما تجيب أخي السائل على هذا السؤال:

ما هو الدليل من الكتاب والسنة على عدم قبول الحديث الشاذ أو المعلول؟

وسؤال أخر:

من هو سلف القائلين باشتراط العلم بالسماع، وهل قال بذلك أحد من الصحابة؟

وأنا في انتظار حديثك الشائق الممتع حقا

وشكرا لكل من شارك

ودمتم جميعا للمحب/أبو فهر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير