هذا وقد ذكر الخطيب قبل هذا كلاماً يتعلق به وهو كالتمهيد أو كالشرح له، أنقله هنا لأهميته؛ قال:
(من العلماء من يختار تصنيف السنن وتخريجها على الأحكام وطريقة الفقه، ومنهم من يختار تخريجها على المسند وضمِّ أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض.
فينبغي لمن اختار الطريقة الأولى أن يجمع أحاديث كل نوع من السنن على انفراده فيميز ما يدخل في كتاب الجهاد عما يتعلق بالصيام، وكذلك الحكم في الحج والصلاة والطهارة والزكاة وسائر العبادات وأحكام المعاملات؛ ويفرد لكل نوع كتاباً ويبوب في تضاعيفه أبواباً يقدم فيها الأحاديث المسندات، ثم يتبعها بالمراسيل والموقوفات ومذاهب القدماء من مشهوري الفقهاء، ولا يورد من ذلك إلا ما ثبتت عدالة رجاله واستقامت أحوال رواته.
فإن لم يصح في الباب حديث مسند اقتصر على إيراد الموقوف والمرسل؛ وهذان النوعان أكثر ما في كتب المتقدمين، إذ كانوا لكثير من المسندات مستنكرين).
***********
(17)
(((كيفية ضبط حروف المعجم وتقييد الكلمات بها)))
الضبط نوعان: الضبط بالقلم وهي الطريقة الشائعة في هذا العصر، وذلك برسم الكلمة كاملة بنقط الحروف وبعلامات الحركة والسكون.
والنوع الثاني: الضبط بالحروف؛ وهو التنصيص بعد الكلمة على أسماء كل أو بعض حروف الكلمة المحتملة للتصحيف، ويكون ذلك التنصيص بطريقة وجيزة وكفيلة بتعيين كل حرف من حروف الكلمة من غير لبس؛ وينصون أحياناً على الحركات مع الحروف؛ وقد ذكر الصفدي في مقدمة كتابه (الوافي بالوفيات) كيفية ضبط حروف المعجم، فقال:
(قالوا: (الباء الموحدة)، وبعضهم يقول: (الباء ثاني الحروف).
و (التاء المثناة من فوق) لئلا يحصل الشبه بالياء، فإنها مثناة، ولكنها من تحت، وبعضهم قال (ثالث الحروف).
و (الثاء المثلثة).
و (الجيم)، و (الحاء المهملة)، و (الخاء المعجمة).
و (الدال المهملة)، و (الذال المعجمة)، و (الراء)، و (الزاي)، وبعضهم يقول (الراء المهملة والزاي المعجمة).
و (السين المهملة)، و (الشين المعجمة)، و (الصاد المهملة)، و (الضاد المعجمة).
و (الطاء المهملة)، و (الظاء المعجمة)، و (العين المهملة)، و (الغين المعجمة).
و (الفاء)، و (القاف)، و (الكاف)، و (اللام)، و (الهاء).
و (الواو)، و (الياء المثناة من تحت)، وبعضهم يقول (آخر الحروف).
ثم قال: (تتمة: إذا أرادوا ضبط كلمة قيدوها بهذه الأحرف على هذه الصورة، فإن أرادوا لها زيادة بيان، قالوا: (على وزن كذا)، فيذكرون كلمة توازنها وهي أشهر منها، كما إذا قيدوا (فَلُوّاً) – وهو المهر - قالوا فيه: (بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، على وزن عدوّ)، فحينئذٍ يكون الحال قد اتضح، والإشكال قد زال).
***********
(18)
(((توزيع علم الحديث)))
قال ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/ 234): (نا محمد بن أحمد بن البراء قال: قال على بن عبد الله بن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة: الزهرى وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبى كثير وأبي إسحاق يعنى الهمداني وسليمان الأعمش.
ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف؛ فممن صنف من أهل الحجاز مالك بن أنس وابن جريح ومحمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة.
ومن أهل البصرة شعبة وسعيد بن أبى عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة.
ومن أهل الكوفة سفيان الثوري.
ومن أهل الشام الأوزاعي.
ومن أهل واسط هشيم.
ثم صار علم هؤلاء الإثني عشر إلى ستة: إلى يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى ووكيع بن الجراح ويحيى بن أبى زائدة ويحيى بن آدم وعبد الله بن المبارك).
هذا لفظ رواية ابن أبي حاتم وأما الخطيب فروى الخبر في (تاريخ بغداد) (14/ 178)، من طريق أحمد بن يحيى بن الجارود عن علي بن المديني قال: (انتهى العلم بالبصرة إلى يحيى بن أبي كثير وقتادة.
وعلم الكوفة إلى أبي إسحاق والأعمش.
وانتهى علم الحجاز إلى ابن شهاب وعمرو بن دينار.
وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلاً، منهم بالبصرة سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، ومعمر، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة (7).
ومن أهل الكوفة سفيان الثوري وسفيان بن عيينة (8).
ومن أهل الحجاز إلى مالك بن أنس.
ومن أهل الشام إلى الأوزاعي.
وانتهى علم هؤلاء إلى محمد بن اسحاق وهشام ويحيى بن سعيد [و] ابن أبي زائدة ووكيع وابن المبارك – وهو أوسع هؤلاء علماً – وابن مهدي وابن آدم.
¥