تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم توسع الناس في الرواية وكثر اختلافهم فيها وازداد أكثر الناس بعداً عنها وجهلاً بها فاحتاج العلماء إلى بيان قواعد هذا العلم ونشرها بين الناس وتقريرها لهم وتقريبها منهم، واحتاجوا أيضاً إلى تكثير مصطلحاته طلباً للدقة في التعبير ورغبة في الاختصار في القول، وهكذا نشأ هذا العلم العظيم الذي انفردت به هذه الأمة دون سائر أمم الدنيا، وذلك فضل الله والله يؤتي فضله من يشاء.

تكلم علماء الحديث أولاً في بيان بعض هذه القواعد والاصطلاحات من غير أن يدونوها، ثم دون بعضهم جملاً منها في مصنفاتهم في الرواية أو في العلل ومعرفة الرجال أو في اصول الفقه، ثم احتاج الناس إلى إفرادها بالتأليف ففعل العلماء ذلك ولا زالوا يفعلونه إلى هذا الوقت.

ولما بدأ إفراد هذا الفن أو بعض أبوابه بالتأليف، جاءت الكتب المفردة في ذلك متفاوتة في مقدار المسائل والأبواب التي تتناولها.

وكان المتأخرون أكثر تصنيفاً فيه من المتقدمين، ولكن المتقدمين هم – كما لا يخفى – الأعلم الأكمل، فكانت مؤلفاتهم – وإن كان الغالب عليها عدم الاستيعاب - يغلب عليها النقل عمن تقدم من الأئمة، وغزارةُ العلم وكثرة الفوائد، بل إنها أصل هذا الفن وأساسه ومادته وعمدته، وأما مؤلفات المتأخرين في المصطلح فيغلب عليها التقليد والجمود وقلة الاستقراء وكثرة المناقشات اللفظية وتعقيدها والتأثر بطرائق المتكلمين؛ بل لقد شارك في التأليف فيه كثير من المتأخرين الذين قل جداً نصيبهم من هذا العلم، وكثير ممن غلب عليهم الاهتمام بالآراء أو التقليد الجامد للمذاهب غلبة واضحة! حتى لقد كان من بعض هؤلاء بعض من يعادي أصحاب الحديث!!!

ولقد عقد الدكتور حاتم بن عارف العوني في كتابه (المنهج المقترح لفهم المصطلح) (ص67 - 170) باباً [هو الثاني من أبواب كتابه] في تأريخ تأثر علوم السنة بالعلوم العقلية وبيان ذلك، وجعل الفصل الأول من الباب في أثر المذاهب العقدية الكلامية على علوم السنة، والفصل الثاني منه في أثر علم أصول الفقه على علوم السنة، وقال (ص90): (كان لأصول الفقه أثرها على علوم الحديث ومصطلحه من خلال نافذتين للتأثير:

الأولى (وهي مباشرة): من خلال دراسة كتب أصول الفقه للسنة وعلومها، بمنهجها الكلامي. وقد بينا سابقاً القدر الذي يجب عليه الاستفادة من هذه الدراسة لعلوم السنة، وأشرنا إلى التفريط الواقع في هذا الصدد.

الثانية (وهي غير مباشرة): من خلال المنهج الذي بثته في الأوساط العلمية، وأثر المنطق اليوناني الذي شبّعت به أساليب التفكير والتأليف لدى العلماء).

**********

(44)

انتفاء اسم العالم عمن لا يعرف أحوال الأحاديث صحة وضعفاً

أسند الخطيب في (الجامع) (2/ 294 - 295) إلى داود بن علي قال: (من لم يعرف حديث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد سماعه ولم يميز بين صحيحه وسقيمه فليس بعالم).

وأسند البيهقي في (المدخل إلى السنن الكبرى) (ص179) (برقم 187) إلى علي بن شقيق عن ابن المبارك، قال: (قيل له: متى يفتى الرجل؟ قال: إذا كان عالماً بالأثر بصيراً بالرأي).

وأسند (برقم 188) إلى أبي قدامة قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (إحفظ، لا يجوز أن يكون الرجل إماماً حتى يعلم ما يصح مما لا يصح، وحتى لا يحتج بكل شيء، وحتى يعلم مخارج العلم).

وذكر هذا الأثر الأخير النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) (1/ 284) وذكره مختصراً الذهبي في (تذكرة الحفاظ) (1/ 330) و (السير) (9/ 195) وابن حجر في (التهذيب).

**********

(45)

حب أهل الحديث وبغضهم

عن قتيبة بن سعيد قال: (إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وذكر قوماً آخرين، فإنه على السنة، ومن خالف هذا فاعلم أنه مبتدع).

وعن أحمد بن سنان قال: (ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قبله).

هذا الأثر والذي قبله أحسب أنني كنت نقلتهما من (شرف أصحاب الحديث) للخطيب، والكتاب لا تطوله يدي الآن، فلينظر.

وقال الذهبي في ترجمته للحافظ الصوري من (تذكرة الحفاظ): (وله شعر رائق ومحبة في السنة----أخبرنا أبو الحسين اليونيني أنا جعفر أنا السلفي أنا المبارك بن عبد الجبار أنشدنا محمد بن علي الصوري الحافظ لنفسه:

قل لمن عاند الحديث وأضحى*****عائباً أهله ومن يدعيهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير