النوع الأول: أن يتفرد راو واحد بحديث من بين طائفة من الرواة، تشاركه في اسم أو بلد أو زمن أو وصف أو شيخ له أو راوٍ عنه أو نحو ذلك، مثل تفرد بصري بحديث دون سائر البصريين، وكذلك تفرد راو يقال له أحمد بحديث من بين سائر الأحمدين أو أحد الثقات من بين سائرهم أو أحد شيوخ شعبة من بين سائرهم.
والنوع الثاني: أن يتفرد بالحديث طائفة مخصوصة كالطوائف التي ذكرتها الآن، فيكون مداره في طبقة من طبقات السند عليها ولا يرويه من غيرها أحد (11)، مثال هذا النوع الأحاديث التي يتفرد بها الضعفاء أو الكذابون، أو المبتدعة الفلانيون، أو المدلسون أو الشاميون أو الكوفيون.
أما الحاكم فقال في (معرفة علوم الحديث) (ص96 - 102) في معرفة الأفراد من الأحاديث: (وهو على ثلاثة أنواع، فالنوع الأول منه: معرفة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفرد بها أهل مدينة واحدة عن الصحابي (12) ----- والنوع الثاني من الأفراد: أحاديث يتفرد بروايتها رجل واحد عن إمام من الأئمة 000 فأما النوع الثالث من الأفراد فإنه أحاديث لأهل المدينة تفرد بها عنهم أهل مكة مثلاً وأحاديث لأهل مكة ينفرد بها عنهم أهل المدينة مثلاً وأحاديث ينفرد بها الخراسانيون عن أهل الحرمين مثلا وهذا نوع يعز وجوده وفهمه.
تقصير:
انظر (قصّرَ)
تُكلِّم فيه:
أي ذكر فيه العلماء قدحاً يضعفه أو يلينه أو يقضي بوجوب التوقف فيه أو التثبت في الاحتجاج به وتقديم غيره من الثقات عند مخالفتهم له عليه.
ثم إن ذلك الكلام قد يكون في صدقه وأمانته وقد يكون في حفظه وضبطه.
وهذه اللفظة هي في الجملة أخف بعض الشيء من قولهم في الراوي (تكلموا فيه)، إذ في هذه الثانية إسناد الكلام إليهم، أي إلى الأئمة أو جمهور العلماء، أو معظم الذين تكلموا على حال ذلك الراوي أو المحققين منهم أو نحو ذلك؛ وذلك بخلاف الأولى، فإنها تصْدُقُ بأي كلام معتبر.
هذا ومما ينبغي التنبه له أن بعض العلماء يشذ عن طريقة الجمهور، فيستعمل هذه اللفظة في نعت من ثبت ضعفه أو كان تالفاً شديد الضعف، بل وأحياناً فيمن هو متهم، وبعضهم يتعنت أو يتحامل فيصف بهذه الكلمة وحدها إماماً ثقة تُكلم فيه بما بغير حق أو بما لا مطعن عليهم به، أو بما لا يلتفت إليه، أو بما لا يثبت نقله؛ وإطلاق العبارة هكذا مجردة عن ردها أو قرْنها بما ينافيها إنما هو في الحقيقة نوع من التدليس.
تكلموا فيه:
هذه الكلمة قد يستعملها الناقد فيمن كان الكلام فيه شديداً؛ وقد يستعملها فيمن كان الكلام فيه خفيفاً لا يقتضي أكثر من تليينه، فهي من الجرح غير المفسر، فإن قالها بعض الأئمة، أو بعض المحققين من العلماء، في بعض الرواة ولم يدل السياق على تعيين مراده، ولم يرد في حق ذلك الراوي تعديل ولا تجريح فتلك الكلمة كافية لتجريحه وتضعيفه، وأما إن قيلت في حق من ورد فيه ما يعارضها أو يتفوق عليها من التعديل فذلك موضع للتدبر والموازنة. وانظر (تُكلم فيه) و (الجرح المفسر).
تلقين:
التلقين: أن يقرأ الراوي على بعض الشيوخ ما ليس من حديثه على أنه من حديثه محاولاً إيهام الشيخ ذلك، فإما أن يُقره عليه، وذلك إذا كان مغفلاً أو قليل الفطنة مفرطاً في إحسان الظن، أو شديد الغفلة، أو كثير الوهم والتهاون، أو جمع بين حسن الظن بالملقِّن وسوء الحفظ لمروياته، وعدم المبالاة والحرص؛ فإذا أقره وصفوه بقولهم: (كان يلَقّن فيتَلَقن)، وقد يكتفون بكلمة (كان يلقن) أو (كان يتلقن).
وإما إذا لم يقره فهو دليل ضبطه وإتقانه لتلك الأحاديث.
فائدتان:
الأولى: من كان يلقَّن أحياناً قليلة فيتلقن، وهو مكثر من الرواية، فلعله يصلح للاعتبار به، كشأن الضعيف السيء الحفظ، وذلك لأن الغالب فيه عدم ذلك التلقين؛ قال النسائي في سماك بن حرب كما في (تهذيب التهذيب) (4/ 234): (كان ربما لقن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيتلقن).
الثانية: قال المعلمي في (التنكيل) (ص438): (التلقين القادح في الملقِّن هو أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كان إنما فعل ذلك امتحاناً للشيخ وبين ذلك في المجلس لم يضره؛ وأما الشيخ فإن قبل التلقين وكثر منه ذلك فإنه يسقط----).
تمييز:
هذه الكلمة استعملها المزي والذهبي وابن حجر وغيرهم في بعض كتبهم في الرجال، يكتب أحدهم هذه الكلمة قبل، أو بعد، أو فوق ترجمة الراوي الذي ليس على شرطه في كتابه، وإنما ذكر ترجمته لتمييزه عن رجل من رجال ذلك الكتاب، يشاركه أو يقاربه في طبقته وفي اسمه واسم أبيه أو نحو ذلك من التشابه الذي يحتمل أن يكون سبباً في أن يظن في أحدهما أنه الآخر.
×××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××××× ×××××××
الهوامش:
(1) تنبيه: لفظة (التثبت) في قولهم: (إليه المنتهى في التثبت) لها معنى غير المذكور هنا، فانظر (إليه المنتهى في التثبت).
(2) التحدير ورم الجلد وغلظه من الضرب، والمراد أنه تشويه وقبح.
(3) من أسباب إيهام السماع كثرة رواية الرواية عمن عاصره أو لقيه ولم يسمع منه شيئاً، من غير أن يبين أنه لم يسمع منه.
(4) ويسمى هذا النوع من الصيغ: الصيغ الموهمة للسماع، وقد يقتصر في تسميتها على عبارة (الصيغ الموهمة).
(5) جمع السماع أسمعة، وجمع الطبقة طباق.
(6) سواء وقع فعلاً أم لم يقع.
(7) ونظير هذا الخصوص والعموم ما وقع في موضوعي كتابي الخطيب (موضح أوهام الجمع والتفريق) و (المتفق والمفترق)؛ ويأتي الكلام على فنهما في موضعه.
(8) أي كتاب نفسه.
(9) وكأن الذي دعاهم إلى هذه الطريقة هو عدم ترقيمهم للصفحات، ولعلهم لم يكونوا يرغبون في الترقيم لأن كثيراً منهم كان في كثير من الأوقات يزيد في كتابه أو ينقص منه.
(10) فتلخيص حد الغريب المطلق هو: ما ليس له إلا اسناد واحد.
(11) قولنا في هذا الباب: هذا الحديث تفرد به المكيون مثلا ليس المراد بذلك تسلسله بهم، ولا اشتراك جميع الرواة المكيين بروايته، وهذا واضح.
(12) ثم ذكر حديثاً قال فيه بعده: (تفرد به أهل الكوفة من أول الإسناد إلى آخره لم يشركهم فيه أحد).
¥