تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

8 - قال ابن حجر في (النكت على ابن الصلاح) (2/ 846) وهو يذكر ما يدل على وضع الحديث: «فقد أخطأ من حكم بالوضع بمجرد مخالفة السنة مطلقاً؛ وأكثر من ذلك الجوزقاني [كذا وكأن الصواب الجورقاني] في كتاب (الأباطيل) له. وهذا لا يتأتى إلا حيث لا يمكن الجمع بوجه من الوجوه (8)؛ أما مع إمكان الجمع فلا، كما زعم بعضهم أن الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (لا يؤمَّنَّ عبدٌ قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم) موضوع لأنه صلى الله عليه وسلم قد صح عنه أنه كان يقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) وغير ذلك، لأنا نقول: يمكن حمله على ما لم (9) يشرع للمصلي من الأدعية لأن الإمام والمأموم يشتركان فيه بخلاف ما لم يؤثر. وكما زعم ابن حبان في (صحيحه) أن قوله صلى الله عليه وسلم (إني لست كأحدكم إني أطعم وأسقى) دالٌّ على أن الأخبار التي فيها أنه كان يضع الحجر على بطنه من الجوع باطلة. وقد رد عليه ذلك الحافظ ضياء الدين فشفى وكفى».

9 - قال ابن حجر في (النكت) (ج2ص850) بعد ذكره كتاب ابن الجوزي في الموضوعات: «ولابن الجوزي كتاب آخر سماه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية أورد فيه كثيراً من الأحاديث الواهية، وفاته من كل النوعين قدر ما كتب في كل منهما أو أكثر».

وقال ابن حجر أيضاً: «وتساهله [يعني تساهل ابن الجوزي في كتابه الموضوعات] وتساهل الحاكم أعدم النفع بكتابيهما» (10).

وقال ابن حجر في (لسان الميزان) (3/ 84 - طبعة الهند) حكاية نقلها عن ابن الجوزي ثم قال: «دلت هذه القصة على أن ابن الجوزي حاطب ليل لا ينقد ما يحدث به» (11).

وقال في ترجمة أبان بن يزيد العطار من (التهذيب) (1/ 102): «وقد ذكره ابن الجوزي في (الضعفاء) وحكى من طريق الكديمي عن ابن المديني عن القطان قال: أنا لا أروي عنه ولم يذكر من وثقه وهذا من عيوب كتابه يذكر من طعن الراوي ولا يذكر من وثقه، والكديمى ليس بمعتمد وقد أسلفنا قول بن معين أن القطان كان يروي عنه فهو المعتمد» (12).

10 - قال ابن حجر في القول المسدد – وابن حجر متساهل في هذا الكتاب كما تقدم – في حكم ابن بدر على بعض الأحاديث بالوضع: «ولا اعتداد بذلك فإنه لم يكن من النقاد، وإنما أخذ كتاب ابن الجوزي فلخصه ولم يزد من قِبَله شيئاً».

11 - وصف ابن حجر، ومِن قبله السبكي، وتبعهما غيرهما ابنَ تيمية شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أنه تحامل في رده على ابن المطهر الحلي في كتابه الجليل (منهاج السنة النبوية) وأنه رد بذلك التحامل كثيراً من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة تصنيفه مظانها، وأنه حكم بالوضع على أحاديث ضعيفة (13).

والحق أن ابن تيمية حافظ واسع الحفظ جداً، وإن كان لاتساعه في الحفظ يتكل أحياناً على حفظه والحفظ خوّان، وهو عظيم الاطلاع واسعه، وهو ذو الرأي الثاقب والفهم المحكم الدقيق والاستحضار العجيب، وهو الفقيه الماهر البارع الفطن، وهذه الخصال وغيرها مكنته من اعتبار واستقراء روايات الأحاديث ومتونها وفقهها ولوازمها وعمل السلف بها، فكان لا يغفل عن هذه الجوانب عند الحكم على الحديث، وإن كان لا يقتصر على النظر في متون الأخبار، ولا يقصر في النظر في طرقها وأسانيدها وأقوال الأئمة فيها.

وطريقة ابن تيمية في الحكم على الحديث بالوضع أو البطلان أو النكارة أو الشذوذ أو الضعف أقوم وأقرب من طريقة كثير من المتأخرين وهي أعلم وأحكم وليست متأثرة بكلام أو منطق أو مذهب إلا بقدر يسير لا يكاد يسلم منه أحد ممن جاء بعد القرن الخامس، ولو اشتغل بفروع الحديث وتفاصيل النقد وما قاربها لأتى في ذلك الباب بشيء عجاب ولفاق كثيراً من مشاهير الحفاظ والنقاد ممن كان قبله فضلاً عمن جاء بعده.

ثم إن طريقة ابن تيمية في النقل والنقد معروفة عند المحققين والمنصفين وهو مشهور بالإنصاف والورع والوسطية؛ وإنه ليبعد جداً أن يلجأ من كان مثله في إمامته وتبحره وغزارة علمه ودقة فهمه وشدة ورعه إلى التحامل في نقد قوم بلغوا الغاية في شدة انحرافهم وظهور عوراتهم واشتهار المهلكات من زلاتهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير