ثم إن الترتيب قد يقع فيه بعض الاستثناءات كأن يقدم من اسمه محمد على غيره في الكتب المرتبة على حروف المعجم، أو أن يقدم أجل الشيوخ على البقية في الكتب المرتبة حسب الوفيات، أو في الكتب المرتبة على تاريخ السماع أو القراءة أو الاجازة.
والمشيخة إما أن يخرجها صاحب المشيخة لنفسه، أو يخرجها له شخص آخر، بطلب أو بإذن منه أي من صاحب المشيخة؛ ويكون في الغالب من المعاصرين له، أو من تلامذته. فيقوم بانتقائها من سماعات الشيخ ومقروءاته ومجازاته فيجمعها في مكان واحد (35)
وأما الفهارس فهي جمع فهرس والأصح فهرست بإسكان السين، والتاء فيه أصلية، فلا يصح الوقف فيها على الهاء؛ ومعناها في اللغة: جملة العدد للكتب، لفظة فارسية. واستعمل الناس منها فهرس الكتب يفهرسها فهرسة مثل دحرج.
وأما الفهرس في الاصطلاح فهو الكتاب الذي يجمع فيه الشيخ شيوخه وأسانيده وما يتعلق بذلك.
البرنامج (36)
وأما البرنامج فهو الورقة الجامعة للحساب، أو: زمام يرسم فيه متاع التجار وسلفهم، وهو معرب (نامه)، وأصلها فارسية.
وقال الهوريني: يرادف الفهرسة البرنامج، معرب، واستعمله ابن خلدون في المقدمة.
الثبَت
قال السخاوي في (شرح الألفية) (ص157): (ثبت بسكون الموحدة: الثابت القلب واللسان والكتاب [و] الحجة (37). وأما بالفتح فما يثبت فيه المحدث مسموعه مع أسماء المشاركين له فيه، لأنه كالحجة عند الشخص لسماعه وسماع غيره).
وذكر هذا المعنى الشيخ زكريا الانصاري في شرحه على الألفية (2/ 3) والمنلا علي القاري في شرحه على شرح النخبة.
كتب الأطراف
من أنواع كتب الحديث كتب الأطراف، وهي بعض ما عمله علماء الحديث في سبيل الفهرسة؛ والمراد بالأطراف بدايات الأحاديث وأوائلها (38).
وكتب الأطراف هي كتب يذكر فيها مصنفوها أحاديث بعض كتب الرواية مختصرة مرتبة على المسانيد.
فيجمع أحدهم أحاديث الصحيحين أو السنن الأربعة أو الكتب الخمسة أو الكتب الستة، أو غيرها من الكتب، ثم يفرد روايات كل صحابي وحده، ويرتب أسماء الصحابة على حروف المعجم، ويذكر أحاديثهم حديثاً حديثاً باختصار، ويبين موضع كل حديث في الكتاب الذي هو فيه، كأن يكون في البخاري في أبواب الصلاة، أو في مسلم في أبواب الطهارة، وهكذا؛ ويشير إلى اسناده باختصار أيضاً؛ وإذا تكرر الحديث بأسانيد متعددة أشار إليها كلها وبين مواضعها.
ومن كتب الأطراف كتاب (أطراف الصحيحين) لخلف بن حمدون الواسطي (ت 401) و (أطراف الغرائب والأفراد) لابن طاهر المقدسي (ت 507) رتب فيه كتاب (الأفراد) للدارقطني على حروف المعجم، وكتاب (الأطراف) لابن عساكر الدمشقي (ت 571)، و (ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث) لعبد الغني النابلسي (ت 1143)، وقد جعله أطرافاً للكتب الستة وموطأ مالك، و (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) للمزي، طرّف فيه الكتب الستة، وهو أشهر وأنفع كتب هذا الباب، وطريقته فيه: أنه إن كان الصحابي من المكثرين رتب حديثه على الحروف أيضاً في الرواة عنه، وكذا يفعل في التابعي، حيث يكون من المكثرين عن ذلك الصحابي وهكذا. وطرّف أبو العباس أحمد بن ثابت الطرقي – بفتح المهملة وقاف – الكتب الخمسة وابن حجر الكتب العشرة.
وفي هذا العصر يقوم مقام كتب الأطراف كتب فهارس الأحاديث وهي كثيرة جداً؛ ويندر أن يوجد كتاب من كتب الأحاديث المطبوعة إلا وله فهرس ملحق به أو مفصول عنه.
كتب غريب الحديث
المراد بـ (غريب الحديث) ما وقع في الأحاديث من كلمات يخفى معناها على كثير من الناس بسبب غرابتها بينهم وقلة تداولها عندهم.
وهذا الفن هو في الحقيقة فرع من فروع العربية لا من فروع علم الحديث، ولكنه مما لا يستغني عنه محدث ولا فقيه ولا مفسر.
أما المفسر والفقيه فحاجتهما إليه ظاهرة لا خفاء بها، وأما المحدث فإن كان راوياً بالمعنى أو قائماً بطبع شيء من كتب الحديث وتحقيقها فلا بد له من معرفة هذا الفن، وأما إن كان ناقداً فلا بد له منه أيضاً لأنه يعينه على معرفة ما يقع في الأحاديث من الشذوذ والنكارة وسائر أنواع الاختلاف في المتن، وبدونه لا يتمكن من الجمع بين متون الروايات إذا اختلفت (39).
وقد ألف العلماء في هذا الفن عشرات من الكتب، وجملة منها انتشرت واشتهرت، فلا أرى الإطالة بذكرها أو ذكر أهمها ولا سيما أن ذلك خارج عن موضوع الكتاب.
¥