تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[25 - 11 - 05, 11:07 م]ـ

الفرق الرابع:

"""""""""""""""""""""""""""""""

لا زال الكلام دائراً حول الفروق الواقعة بين الطائفة الأولى، طائفة علماء العلل، وأكثرهم – إن لم نقل: كلهم – من المتقدمين، والطائفة الثانية، طائفة علماء القواعد، وأكثرهم – إن لم نقل: كلهم – من المتأخرين.

ولقد كان الفرق الأول هو كثرة اعتماد الطائفة الثانية على القواعد، حتى إنها ليكثر منها أن تطرد الاعتماد على القاعدة مع عدم الحاجة إليها، بل ومع عدم صحة الاعتماد عليها، وذلك في الموضع الذي يكون فيه الاستثناء من القاعدة هو الصحيح، وينتج تحكيم القاعدة فيه أمراً مخالفاً للصحيح.

وكان الفرق الثاني هو أن للطائفة الثانية عدداً من القواعد غير المحررة، وجملة من الأصول التي وسعوها توسعة غير صحيحة، وقدراً من الضوابط التي فيها نظر؛ ولكن ما أقلَّ مثل ذلك عند الطائفة الأولى.

وكان الفرق الثالث في سعة الاطلاع على تفاصيل الأصول وتفاصيل الفروع، وهو فرق ناشئ عن مقدار ملكة الحفظ، ومقدار الجد والرغبة في الطلب والتحصيل، ومقدار المادة المتيسرة للوقوف عليها وحفظها في السطور أو الصدور؛ ولا شك أن أنصباء الطائفة الأولى من هذه المقادير الثلاثة هي الأكثر والأكمل.

وأما الفرق الرابع، فهو الفرق في مقدار الخطأ في المحفوظ أو الموقوف عليه من هذه التفاصيل المذكورة في الفرق الثالث، بل التي هي موضوع ذلك الفرق الثالث.

فإذن الفرق الرابع يكون بالنسبة للفروع والتفاصيل نظير الفرق الثاني بالنسبة للقواعد والأصول.

فكما أن الطائفة الثانية مشت على جملة من الأصول المرجوحة أو التي لا تصح أو التي تحتمل أن تكون غير صحيحة؛ فكذلك شأنهم في كثير من التفاصيل؛ وسواء في ذلك التفاصيل التي هي أحكام على الرواة والأحاديث وقلد بعضهم بعضاً فيها، والتفاصيل التي هي أعم من ذلك والتي كانت مادة للاستنباط منها والتفريع عليها؛ وأرى أنه لا بد لتوضيح بعض هذا الكلام من أن أمثل له ببعض المسائل فأقول:

1. لقد اعتمدت الطائفة الثانية – فيما اعتمدته – جملة من أقوال النقاد التي لم تثبت عنهم بسبب ضعف إسناد تلك الأقوال إليهم، أعني إلى النقاد.

2. لقد عزيت إلى بعض النقاد أقوال في بعض الرواة خطأ، بل يكون المراد بالكلام راو آخر، وأكثر ما يقع ذلك بسبب التصحيف؛ ولكن الطائفة الثانية قبلت تلك الأقوال في الغالب.

3. بعض كلام النقاد وقع للطائفة الثانية مختصراً اختصاراً مخلاً أو مروياً بالمعنى ولكن مع الإخلال أيضاً، أو قد وهم فيه ناقله وإن كان ثقة، فلم تفطن تلك الطائفة إلى ذلك إلا قليلاً.

4. بعض النقاد تكلم في بعض الرواة بكلام خاص فعممه بعض نقلته وصار عند الطائفة الثانية عاماً، وهو - كما تقدم - مختصاً ببعض مرويات ذلك الراوي؛ وهذا خطأ في تلقي التفاصيل.

5. وقع في كثير من كتب الرجال المطبوعة وبعض كتب الرجال المخطوطة كثير من التصحيفات المؤثرة في باب الجرح والتعديل؛ مثل أن تتصحف (وثقه أحمد العجلي) إلى (وثقه أحمد والعجلي)، ومشى ذلك على الطائفة الثانية في الغالب؛ وذلك لأنها أبعد عن التحقيق الكامل والتدقيق الشامل إلا في أحوال نادرة.

6. ضاعت كثير من الأصول في العلل والجرح والتعديل، فلم تطلها أيدي الطائفة الثانية، فاعتمدت في جملة منها على الوسائط التي نقلت عنها، وقد وقع في هذه الوسائط – في نقلها عن تلك الأصول - من الخلل والغلط والسقط والتصحيف ما وقع.

7. هناك جملة كبيرة من القواعد الفرعية والضوابط الجزئية التي اعتمدتها الطائفة الثانية ولكنها كانت فيها على غير نهج الاستقامة، نظير ما وقع لها في حق القواعد الكلية، وقد تقدم الكلام عليها؛ مثل وصفهم جماعة من الرواة بالتدليس مع أن الذي وقع منهم إنما هو الإرسال الخفي.

8. كثير من عبارات كتب العلل والرجال وكثير من إشاراتها وتنبيهاتها وتقييداتها لم يفهمها كثير من أهل الطائفة الثانية، ولا سيما من تأخر منهم، على الوجه الصحيح، فأخطأ هؤلاء في تلقي تلك التفاصيل عن أصولها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير