لكن يبقى اشكال وهو اذا لم يأت الراكب هل للشركة أن تركب أحدا مكانه ((اذا لم يشترطوا ذلك عليه))
علما انه قد استأجر هذا المكان؟؟
كمن استأجر شقة للسكن فلم يأت المستأجر فأجرها صاحب الفندق - -
يحتاج الى تأمل
والله اعلم واحكم
جزاك الله خيرا .......... ولعلنا نغتر كثيرا بالألفاظ التي يستخدمها أهل الشركات خلاف لحقيقة العقد مما قد يضر طالب العلم في التصور وبالتالي في الحكم
ـ[السني]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:25 م]ـ
إن استحقاق المؤجر للأجرة بالعقد ليس محل خلاف بين الفقهاء؛ بل الخلاف في الوقت الذي يجب تملكه لها، وحق مطالبته بها.
وقبل عرض الخلاف يجدر بنا أن نذكر أنه لا خلاف بين الفقهاء في جواز تعجيل الأجرة، أو تأجيلها.
ولكن الخلاف واقع بينهم بالنسبة لتأجيل الأجرة إذا كانت المنفعة المستأجرة مضمونة في الذمة كعمل الصناع، واستئجار الحيوانات للعمل، والسؤال هنا في مثل هذه الحالات هو:
هل يجوز تأجيل الأجرة في مثل هذه العقود في الإجارة؟
وإنما نشأ هذا السؤال نظرًا لأن المنفعة المعقود عليها مؤجلة، والأجرة مؤجلة، فكأن العقد بيع دين بدين، وهو غير جائز.
فنقول – وبالله التوفيق – أن للفقهاء في ذلك رأيان:
الرأي الأول: يرى فقهاء الحنفية () والمالكية () أن الأجرة لا تجب بمجرد العقد؛ لأن الأصل فيها التأجيل، ولابد من استيفاء المعقود عليه ما لم يكن اشترط التعجيل أو عجلت من غير شرط.
الرأي الآخر: يرى فقهاء الشافعية () والحنابلة () أن العقد إذا أُطلق وجبت الأجرة بمجرد العقد، ويجب تسليمها بتسليم العين والتمكن من الانتفاع وإن لم ينتفع فعلًا.
وإن كانت الإجارة على عمل فإن الأجر يملك بالعقد أيضًا، ويثبت دينًا في ذمة المستأجر بمجرد العقد، لكن لا يُستحق تسليمه إلّا عند تسليمه العمل، أو إيفائه، أو بمضي المدة إن كان الأجير خاصًا، وإنما يتوقف استحقاقه على تسليم العمل لأنه عوض.
أدلة أصحاب الرأي الأول:
استدل الحنفية والمالكية إلى ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - قول النبي>: ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعط أجره)) ()، فتوعَّد على الامتناع من دفع الأجر بعد العمل، فدل على أنها حالَّة الوجوب.
وأجيب عنه بأن الاستدلال به غير صحيح، فعلى الرغم من أنه يحذر من عدم إعطاء الأجير أجره عند استيفاء المنفعة، فليس فيه دليل على عدم استحقاقه قبل مضي المنفعة. ()
2 - قوله >: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) ()، ومعلوم أنه ندب إلى تعجيل قضاء حقه فاقتضى ذلك أنه وقت استحقاقه، وأنه لم يكن يستحقه قبل ذلك. ()
وأجيب عنه بأنه قد ضعفه طائفة من أهل الحديث فقد قال الزيلعي: "هو معلول بعبدالرحمن بن زيد" ()، ولا يصح الاستدلال به.
كما أنه لو صح فقد يقال بأن مقتضاه يدل على أخذ الأجر قبل إتمام العمل؛ لأن العامل قد يعرق حين يعمل، كما قد يكون أنه وارد فيمن شرط تأخير أجرته، فإذا تطرق الاحتمال بطل به الاستدلال. ()
3 - إن الأجرة في الإجارة تقاس على الثمن في البيع، فكما أن ثمن المبيع لا يُستحق إلَّا بعد تسليم المبيع فكذلك الأجرة في الإجارة لا تستحق إلَّا بعد استيفاء المنفعة. ()
أدلة أصحاب الرأي الآخر:
استدل الشافعية والحنابلة إلى ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 - قياس الإجارة على النكاح، بجامع أنَّ كلًّا منهما عقد على منفعة، وهما لازمان، فلمَّا استحق المهر حالًّا عند الإطلاق، فكذلك الأجر. ()
وأجيب عنه بأنه قياس مع الفارق، فلو دخل الزوج استحقت الزوجة المهر كاملًا، ولو تم الطلاق بعد الدخول فلا يسترد الزوج شيئًا منه؛ أما المستأجر فلو قبض العين، فتمكن من المنفعة، بطلت الإجارة فيما يُستقبل، ولا أجر لها فيها، فتبين الفرق بين النكاح والإجارة. ()
2 - القياس على الثمن، بجامع أنَّ كلًّا منهما عوض في معاوضة، فلمَّا وجب تعجيل الثمن في البيع إذا شرط البائع ذلك، وجب تعجيله عند الإطلاق، فكذلك في الإجارة يجب تعجيل الأجر بعض قبض العين إذا شرط المؤجر ذلك، فيجب تعجيل الأجر عند الإطلاق. ()
وأجيب عنه بأنه قياس فاسد؛ لأن تأخير تسليم الأجر هو مقتضى عقد الإجارة، لكنه يتغير بشرط التعجيل، كالبيع فإن مقتضاه ملك المبيع بالعقد لكنه يتأخر بشرط الخيار، ومقتضاه تسليم الثمن بالعقد لكنه يتأخر بشرط التأجيل، ومقتضى البيع يخالف مقتضى الأجارة فلايمكن قياس الإجارة على على البيع من هذه الناحية. ()
3 - إن الإجارة معاوضة، ومبنى المعاوضة على المساواة، فإذا كانت الإجارة على مدة، وتمكَّن المستأجر من المنفعة، فقد ملك منافع المعقود عليه في تلك المدة، وقبضها حكمًا بقبض العين، وإن لم يقبضها حقيقة، فتحدث المنافع على ملكه؛ فينبغي إذن أن يدفع عوضها وهو الأجر، عند قبض العين عند الإطلاق، تحقيقًا للمساواة. ()
وأجيب عنه بأن هذا محل نظر، لأننا لا نسلم أن المنافع المعدومة مقبوضة حكمًا، لأن الشيء إنما يقدَّر حكمًا إذا أمكن تصوره حقيقة، ولا يمكن تصور كون المنفعة التي تحدث في مدة الإجارة موجودة عند العقد حكمًا، فإنها عرض لا يتصور بقاؤها وقتين، فلا يصح أن تقدَّر حكمًا. ()
الترجيح:
والذي يظهر لي – والله أعلم – أن القول الراجح هو ما ذهب إليه الحنفية والمالكية من أن الأجرة لا تملك بمجرد العقد، وإنما باستيفاء المنافع أو تسليم العمل، فإن ما أوردوه من أدلة نقلية وعقلية تدل دلالة واضحة على ذلك.
وهذا القول يصار إليه ما لم يكن المتعاقدان قد اشترطا التعجيل أو التأجيل، أو التنجيم، فإنهما حينئذ على ما اتفقا عليه.
¥