تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الموسوعة الكويتية تحت عنوان إجارة:

(رابعا: فسخ الإجارة للعذر: 64 - الحنفية , كما سبق , يرون جواز فسخ الإجارة لحدوث عذر بأحد العاقدين , أو بالمستأجر (بفتح الجيم) , ولا يبقى العقد لا زما , ويصح الفسخ , إذ الحاجة تدعو إليه عند العذر , لأنه لو لزم العقد حينئذ للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد. فكان الفسخ في الحقيقة امتناعا من التزام الضرر , وله ولاية ذلك. وقالوا: إن إنكار الفسخ عند تحقق العذر خروج عن الشرع والعقل , لأنه يقتضي أن من اشتكى ضرسه , فاستأجر رجلا ليقلعها , فسكن الوجع , يجبر على القلع. وهذا قبيح شرعا وعقلا. ويقرب منهم المالكية في أصل جواز الفسخ بالعذر , لا فيما توسع فيه الحنفية , إذ قالوا: لو كان العذر بغصب العين المستأجرة , أو منفعتها , أو أمر ظالم لا تناله الأحكام بإغلاق الحوانيت المكتراة , أو حمل ظئر - لأن لبن الحامل يضر الرضيع - أو مرضها الذي لا تقدر معه على رضاع , حق للمستأجر الفسخ أو البقاء على الإجارة. 65 - وجمهور الفقهاء على ما أشرنا لا يرون فسخ الإجارة بالأعذار , لأن الإجارة أحد نوعي البيع , فيكون العقد لازما , إذ العقد انعقد باتفاقهما , فلا ينفسخ إلا باتفاقهما. وقد نص الشافعية على أنه ليس لأحد العاقدين فسخ الإجارة بالأعذار , سواء أكانت على عين أم كانت في الذمة , ما دام العذر لا يوجب خللا في المعقود عليه. فتعذر وقود الحمام , أو تعذر سفر المستأجر , أو مرضه , لا يخوله الحق في فسخ العقد , ولا حط شيء من الأجرة. وقال الأثرم من الحنابلة: قلت لأبي عبد الله: رجل اكترى بعيرا , فلما قدم المدينة قال له: فاسخني. قال: ليس ذلك له. قلت: فإن مرض المستكري بالمدينة , فلم يجعل له فسخا , وذلك لأنه عقد لازم. وإن فسخه لم يسقط العوض. 66 - والعذر كما يرى الحنفية قد يكون من جانب المستأجر , نحو أن يفلس فيقوم من السوق , أو يريد سفرا , أو ينتقل من الحرفة إلى الزراعة , أو من الزراعة إلى التجارة أو ينتقل من حرفة إلى حرفة , لأن المفلس لا ينتفع بالحانوت , وفي إلزامه إضرار به , وفي إبقاء العقد مع ضرورة خروجه للسفر ضرر به. فلو استأجر شخص رجلا ليقصر له ثيابا - أي يبيضها - أو ليقطعها , أو ليخيطها , أو يهدم دارا له , أو يقطع شجرا له , أو ليقلع ضرسا. ثم بدا له ألا يفعل , فله أن يفسخ الإجارة , لأنه استأجره لمصلحة يأملها , فإذا بدا له أن لا مصلحة له فيه صار الفعل ضررا في نفسه , فكان الامتناع من الضرر بالفسخ. 67 - وقد يكون العذر من جانب المؤجر نحو أن يلحقه دين فادح لا يجد قضاءه إلا من ثمن المستأجر - بفتح الجيم - من الإبل والعقار ونحو ذلك. فيحق له فسخ الإجارة إذا كان الدين ثابتا قبل عقد الإجارة. أما إذا كان ثابتا بعد الإجارة بالإقرار فلا يحق له الفسخ به عند الصاحبين , لأنه متهم في هذا الإقرار , ويحق له عند الإمام , لأن الإنسان لا يقر بالدين على نفسه كاذبا , وبقاء الإجارة مع لحوق الدين الفادح العاجل إضرار بالمؤجر لأنه يحبس به إلى أن يظهر حاله. ولا يجوز الجبر على تحمل ضرر غير مستحق بالعقد. وقالوا في امرأة آجرت نفسها ظئرا , وهي تعاب بذلك: لأهلها الفسخ , لأنهم يعيرون بذلك. ومن هذا القبيل إذا ما مرضت الظئر , وكانت تتضرر بالإرضاع في المرض , فإنه يحق لها أن تفسخ العقد. 68 - ومن صور العذر المقتضي للفسخ عند من يرى الفسخ بالعذر من جانب المستأجر " بفتح الجيم " الصبي إذا آجره وليه , فبلغ في مدة الإجارة , فهو عذر يخول له فسخ العقد , لأن في إبقاء العقد بعد البلوغ ضررا به. ومن هذا ما قالوا في إجارة الوقف عند غلاء أجر المثل , فإنهم قالوا: إنه عذر يفسخ به متولي الوقف الإجارة , ويجدد العقد في المستقبل على سعر الغلاء , وفيما مضى يجب المسمى بقدره. أما إذا رخص أجر المثل فلا يفسخ , مراعاة لمصلحة الوقف. 69 - وعند وجود أي عذر من هذا فإن الإجارة يصح فسخها إذا أمكن الفسخ. فأما إذا لم يمكن الفسخ , بأن كان في الأرض زرع لم يستحصد , لا تفسخ. لأن في القلع ضررا بالمستأجر. وتترك إلى أن يستحصد الزرع بأجر المثل. توقف الفسخ على القضاء: 70 - إذا وجد بعض هذه الأعذار , وكان الفسخ ممكنا , فإن الإجارة تكون قابلة للفسخ , كما يرى بعض مشايخ الحنفية. وقيل: إنها تنفسخ تلقائيا بنفسها. ويقول الكاساني: الصواب أنه ينظر إلى العذر , فإن كان يوجب الامتناع عن المضي فيه شرعا , كما في الإجارة على خلع الضرس , وقطع اليد المتأكلة إذا سكن الألم وبرأت من المرض , فإنها تنتقض بنفسها. وإن كان العذر لا يوجب العجز عن ذلك , لكنه يتضمن نوع ضرر لم يوجبه العقد , لا ينفسخ إلا بالفسخ. وهو حق للعاقد , إذ المنافع في الإجارة لا تملك جملة واحدة , بل شيئا فشيئا , فكان اعتراض العذر فيها بمنزلة عيب حدث قبل القبض. وهذا يوجب للعاقد حق الفسخ دون توقف على قضاء أو رضاء. وقيل: إن الفسخ يتوقف على التراضي أو القضاء , لأن هذا الخيار ثبت بعد تمام العقد , فأشبه الرد بالعيب بعد القبض. وقيل: إن كان العذر ظاهرا فلا حاجة إلى القضاء , وإن كان خفيا كالدين اشترط القضاء. وهو ما استحسنه الكاساني وغيره. وعند الاختلاف بين المتعاقدين فإن الإجارة تفسخ بالقضاء. 71 - وإن طلب المستأجر الفسخ قبل الانتفاع فإن القاضي يفسخ , ولا شيء على المستأجر. وإن كان قد انتفع بها فللمؤجر ما سمى من الأجر استحسانا لأن المعقود عليه تعين بالانتفاع. ولا يكون للفسخ أثر رجعي.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير