هوقوله تعالى} ولا تقتلوا أنفسكم {وقوله تعالى} ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة {، فجاء (العقل الإنساني) فاكتشف من خلال البحث في (دائرة الوجود الطبيعي) طبيعة الأمراض التي تنتقل ومقدار تأثيرها وضررها على الإنسان، فاعتمد الوحي في ذلك وهو قوله تعالى} وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {وقوله:} وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً {.
2. الحساب الفلكي:
قفز علم الفلك قفزات هائلة في القرون الأخيرة بفضل التقدم في العلوم النظرية التي يقوم عليها كالرياضيات والفيزياء، بحيث صار من الممكن اليوم عمل ما كان في السابق من الأمور التي لا تخطر على بال، وكان علماء المسلمين من السباقين في مضماره وكانت لهم فيه جهود لا تنكر، أضف إلى ذلك تطوير علوم الرياضيات والفيزياء وهما قوام علم الفلك، ومن علماء المسلمين الذين خلد التاريخ مآثرهم في ذلك الحسن بن الهيثم والخوارزمي.
واليوم يعتمد المسلمون في تحديد مواقيت الصلاة على الحساب الفلكي، وفي دخول وخروج الشهور القمرية (=من الناحية العملية)، لكن تبقى المشكلة في دخول وخروج شهر رمضان، فقد اختلفوا في ذلك:
-فريق يرفض تماماً أي بديل عن الرؤية البصرية، وهؤلاء كانوا على درجة كبيرة من الصراحة مع أنفسهم.
-وفريق يرى أن (السنة في هذا ما تثبت به الأشياء)
لذا رأى فريق من العلماء المعاصرين اعتبار الحساب الفلكي وسيلة لتحديد دخول الشهر وخروجه، وبعضهم رأى اعتباره وسيلة للحكم على شهادات الرؤية البصرية، فإذا ما خالفت الشهادةُ الحسابَ رُدَت ولم تعتبر.
المهم أن اعتبار الحساب الفلكي هو عبارة عن اعتبار العقل الإنساني الذي تجول في دائرة الوجود الإنساني الطبيعي بناء على النص القائل (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) واستخرج قواعد وأصول هذا العلم ثم أمكنه استثمارها في تحديد أوقات الصلاة ودخول الشهر وخروجه بدقة كبيرة، فَحسّن العقلُ أمر الحساب الفلكي لكن باعتماد المقدمات النصية مرجعية وإطاراً كلياً منها قوله تعالى:} هو الذي جعل الشمس ضيآء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون {وقوله تعالى:} وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونآ آية الليل وجعلنآ آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً {.
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[08 - 08 - 07, 09:08 ص]ـ
فالعقل السليم يقبح ماقبحه الوحي، ويحسن ماحسنه الوحي فعلاقة العقل السليم والمستسلم للوحي علاقة تمازج لأن العقل تبع للنقل،لكن البعض مازال لديه في المسألة غيوما وذلك في ثلاث عناصر.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[08 - 08 - 07, 10:56 ص]ـ
يا أخي الكريم طريقة الجويني بعيدة تماما عن طريقة أهل الحديث، فكيف تقول إنه عبر عنها؟!!
وكيف تقول:
((والعجيب أن المسلمين عبر تاريخهم الطويل خاضوا في دائرة الوجود الغيبي وفيها اختلفو حول إعمال العقل، بينما تركوا تماماً مجال إعمال العقل في دائرتي الوجود الإنساني الطبيعي والاجتماعي!.))؟!!
هذا كلام من ليس له اطلاع على التاريخ الطويل للمسلمين.
والمنصفون من المستشرقين أنفسهم اعترفوا بسبق العرب للغرب في كثير من العلوم الرياضية والطبيعية والإنسانية كذلك!!
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[08 - 08 - 07, 05:08 م]ـ
ياأخي قصدي ليس النفي إنما ذكرالتوقف الذي طرأ على المسلمين لفترة طويلة
حيث بحثو في دائرة الوجود الغيبي الى حد التعارك وأهملو اعمال العقل.
ثم الفرق أن يكون للمسلمين السبق في هذا وبين أن يواصلو دون توقف
قل لي بربك هل المسلمون اليوم يُعملون العقل أم يهملونه.
ـــــــــــ
ملحوظة:
أحب استعمال كلمة المسلمين بدل كلمة العرب
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[08 - 08 - 07, 05:25 م]ـ
هذا لا يستقيم مع قولك (عبر تاريخهم الطويل)، ولا مع قولك (تماما) المعبرين عن تأكيد التعميم.
دعنا نتجاوز هذه النقطة فهي اختلاف لفظي كما يبدو.
المهم عندي هو قولك: (والجويني بهذا النقل يعبر عن طريقة أهل الحديث النافرة بطبعها عن المقدمات العقلية المستندة على مرجعية الوحي، وهذا هو بالضبط ما مكن لمئات إن لم نقل آلاف الأحاديث غير الصحيحة بالمرور، فهذا الموقف الأشعري المعبر عن أهل الحديث عموماً ينقل بوضوح توجس أهل الحديث من استعمال العقل في فهم النص)
فهذا كلام واضح الخطأ من جهات كثيرة يقصر المقام عن بيانها، فالجويني ليس من أهل الحديث أصلا، ولم يعبر بهذا الكلام عنهم أصلا، وليس هذا هو سبب مرور الأحاديث غير الصحيحة، ولم يكن ظهور الأحاديث غير الصحيحة بسبب إهمال المحدثين كما يوهمه كلامك، ولم يكن أهل الحديث متوجسين من إعمال العقل كما تزعم، ولم يكن أهل الحديث نافرين من إعمال العقل كما تدعي، ولم يعرف التاريخ علما يدل على عبقرية أهله وشدة ذكائهم وإعمالهم لعقولهم من علم الحديث، وقد اعترف المستشرقون بهذا.
لا أريد أن أقول: إنك تلقي الكلام على عواهنه، ولكن هذا ما يوحي به كلامك، وأرجو أن أكون مخطئا.
¥