أ - فقد يكون " أفطر " بمعنى ذهب أجرهما، ويؤيده بعض روايات الحديث من أنهما كانا يغتابان.
ب - وقد يكون بمعنى: عرّضا أنفسهما للفطر بهذا الفعل، أو: أوشكا أن يفطرا.
وقد قال ابن خزيمة رحمه الله: (إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته إنها لا تفطر، فاحتجم وصار مفطراً، وذلك جائز).
قال الخطابي في " معالم السنن ": (وهذا تأويل باطل، لأنه قال: احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة).
قال النووي في شرح المهذب: (ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس t: ( احتجم وهو صائم) الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة. والله أعلم).
(قلت): الذي يترجح عندي أن الحجامة لا تفطر الصائم، وإن كانت مكروهة إن خشي الضعف بها، ويتأيد هذا بما ورد عند أبي داود عن ابن أبي ليلى عن رجل صحب النبي r قال: نهى النبي r عن الحجامة للصائم والمواصلة ولم يحرِّمهما إبقاءً على أصحابه. قال الحافظ: (وإسناده صحيح).والله أعلم.
وأما الحاجم، وهو الذي يمص الدم بواسطة القارورة، فقد قال شيخ الإسلام في شرح العمدة: (وأما الذي يحجم غيره، فقال أكثر أصحابنا: يفطر أيضاً).
ويظهر أن هناك خلافاً داخل المذهب في حق الحاجم، ولعل المشهور عندهم: أنه يفطر؛ لظاهر الحديث، وبناءً على اعتبارهم أن إفطار الحاجم والمحجوم أمر تعبدي لا دخل للقياس فيه.
ولا يصح قياس الدم الخارج من خلع سن أو خروج الرعاف أو خروج الدم من الجراحة أو سحب الدم اليسير للتحليل أو خروج دم الاستحاضة على الحجامة؛ لأن تأثيرها على البدن ليس كتأثير الحجامة، بخلاف الفصاد والتبرع بالدم ونحوه.
5 - الجماع في فرج (أنزل أو لم ينزل):
ولم ينص عليه المؤلف هنا مع مفسدات الصوم؛ لأنه تكلم عليه في الباب الذي قبله.
وفيه مع القضاء: الكفارة على الرجل، وعلى المرأة أيضاً إن كانت مطاوِعة غير مكرهة عند الجمهور؛ لأنها عقوبة تتعلق بالجماع فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا .. فإن كانت مكرهة أو نائمة فليس عليها سوى القضاء [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=655557#_ftn2). قَالُوا: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتَرِفْ وَاعْتِرَافُ الزَّوْجِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا الْحُكْمَ أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَكُنْ صَائِمَةً بِأَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً مِنْ الْحَيْضِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، أَوْ أَنَّ بَيَانَ الْحُكْمِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ يُثْبِتُ الْحُكْمَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَيْضًا لِمَا عُلِمَ مِنْ تَعْمِيمِ الْأَحْكَامِ أَوْ أَنَّهُ عَرَفَ فَقْرَهَا كَمَا ظَهَرَ مِنْ حَالِ زَوْجِهَا.
والرواية الأخرى في المذهب: أن المرأة لا كفارة عليها مطلقاً ولو كانت مطاوعة، وهو مذهب الشافعية والظاهرية .. واستدلوا بأن النبي r أمر الواطئ أن يكفِّر، ولم يأمر في المرأة بشيء مع علمه بوجود ذلك منها، ولا يجوز تأخير البيان عن وقته إذا دعت الحاجة إليه .. ولأنه حق مال يتعلق بالجماع، فاختص به الرجل دون المرأة كالمهر .. ولأنه لم يأتِ في الشرع فعل واحد يوجب كفارتين.
والكفارة هنا: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r أنه أتاه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: (وما أهلكك؟) قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال: (هل تستطيع أن تعتق رقبة؟) قال: لا. قال: (هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟) قال: لا. قال: (هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟) قال: لا. قال: (فاجلس)، فجلس، فأتى النبي r بعرق فيه تمر. قال: "فتصدق به". قال: ما بين لابتيها أحد أفقر منا. قال: فضحك رسول الله r حتى بدت أنيابه. قال: (خذه فأطعمه أهلك). متفق عليه.
*تنبيه: لا تلزم الكفارة إلا لمن جامع في رمضان خاصة؛ فلو أن امرأً جامع في قضاء رمضان، أو جامع في صيام نفل أو نذر أو غير ذلك فلا تلزمه الكفارة.
¥