تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[24 - 08 - 07, 05:01 م]ـ

باب (صيام التطوع)

(أفضل الصيام صيام داود u كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم (وما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة) ومن جملة الأعمال الصالحة: الصيام فيهن [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=658704#_ftn1)، وورد عند أحمد وأبي داود والنسائي في " الكبرى " عن بعض أزواج النبي r قالت: كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة .. الحديث إلا أن فيه ضعفاً. وآكدها صوم تاسعها، وهو يوم عرفة.

وأما ما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت النبي r صائماً في العشر قط، وفي رواية: لم يصم العشر قط .. فلا دليل فيها على نفي مشروعية صيامها؛ إذ يكفي لفضلها أنها داخلة في جملة الأعمال الصالحة المرغب فيها.

(ومن صام رمضان وأتبعه بستٍّ من شوال فكأنما صام الدهر) وذلك أن الحسنة بعشر أمثالها؛ فإذا صام رمضان كان كصيام عشرة أشهر ثم إذا صام هذه الست كانت كصيام ستين يوماً، وهذا وجه كونه صام الدهر. وله أن يصومها بعد يوم العيد مباشرة أو يؤخرها، وسواء في ذلك صومها متتابعة أو متفرقة لقوله: r ( ستاً من شوال)، ولم يخصص بعضه من بعض.

(وصوم عاشوراء كفارة سنة، وعرفة كفارة سنتين، ولا يستحب لمن بعرفة أن يصومه) وعاشوراء: هو العاشر من شهر المحرم [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=658704#_ftn2) ، وجاء في ذلك قوله r: ( صوم عرفة يكفِّر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفّر سنة ماضية) مسلم وغيره.

أما من كان واقفاً بعرفة من الحجاج فإنه لا يستحب له الصيام؛ لما روت أم الفضل –رضي الله عنها- أنها أرسلت إلى النبي r بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه. متفق عليه.

(ويستحب صيام أيام البيض) أي أيام الليالي البيض، وهن ليالي ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وجاء في المتفق عليه من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص y أن صيامها كصيام الدهر.

(والاثنين والخميس) وقد كان النبي r يتحرى صيامهما، إذ تُعرض الأعمال فيهما على الله تعالى.

قال المصنف: (والصائم المتطوع أميرُ نفسِه إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه) فيستحب له أن يتم صومه، فإن أفسده فلا قضاء عليه.

وهل تحصل القُرْبة إن قطع صومه بذلك الجزء المؤدى، أم لا تحصل القُرْبة إلا إذا أتم صيام يوم؟

قولان لأهل العلم.

(وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما، وقضاء ما فسد منهما) لقوله تعالى:

} وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ {.

(ونهى رسول الله عن صوم يومين: يوم الفطر، ويوم الأضحى) فهو حرام إجماعاً، (ونهى عن صيام أيام التشريق) وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة لما جاء في مسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله) إلا أنه رخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي إن لم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، لما جاء في البخاري من قول ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما: لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن يجد الهدي.

*مسألة: وجاء النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، وعن صيام يوم الشك ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=658704#_ftn3)) في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله r .

( وليلة القدر في الوتر في العشر الأواخر من رمضان) وهي الليلة المباركة التي أُنزِل فيها القرآن العظيم، قال الله تعالى:} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ {، وقال النبي r : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.

وقد كان النبي r يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه.

وآكدها أوتار العشر، لقوله r: ( فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر منها) متفق عليه.

ونص الإمام أحمد رحمه الله أن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وكان أُبَيّ بن كعب t يحلف على ذلك ولا يستثني، وروى أن ابن عباس t كان يقول بذلك. وحكى بعضهم عن مالك والشافعي وأحمد أنها تنتقل في العشر الأواخر. (قلت): وهذا الذي يظهر لي أن النصوص لا تجتمع إلا به، ودليل ذلك الحديث الذي ورد فيه أنها رُفِعَت، والمقصود رُفِع تعيينُ أي ليلة هي، كما أخفى الشارع ساعة الإجابة يوم الجمعة.

فإن قيل: إن الليلة التي أُنزِل فيها القرآن محددة، فكيف يقال إنها تتنقل؟

فالجواب: أن الله سبحانه يقدِّر مقادير السنة في إحدى تلك الليالي من العشر، وقد يكون ذلك في عامٍ ليلةَ الثالث والعشرين مثلاً، وفي آخَرَ ليلةَ السابع والعشرين، وقد وافق نزول القرآن ليلةَ تقدير المقادير أياً كانت تلك الليلة، فلا يمنع ذلك تنقلها. والله أعلم.

ويدل على تنقلها ما يلي:-

1 - حديث أبي سعيد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وفيه: (إني أُريتُها ليلة وتر، وإني أسجد صبيحتها في ماء وطين) فكانت ليلة إحدى وعشرين. مسلم

2 - حديث عبد الله بن أُنيَسْ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وفيه أنها ليلة ثلاث وعشرين. مسلم

وعلى هذا يترجح القول بأنها تتنقل، ونُقِل هذا أيضاً عن المزني وعن ابن خزيمة، ورجحه الحافظ ابن حجر، والإمام النووي -رحم الله الجميع.


(1) عدا يوم العاشر، فإنه يحرم صيام يومي العيدين بالإجماع.

(2) ويسن أن يصوم معه يوم التاسع.

(3) وقد تقدم بيان معناه أول كتاب الصيام.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير