01 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ, إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الفوائد]
في هـ?ذا الحديث من الفوائد:
1 - النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لقوله: (لا تَقَدَّمُوا).
مسألة: وهل هـ?ذا النهي للتحريم أو للكراهة؟
فيه قولان لأهل العلم:
• منهم من قال: إنه للتحريم.
• ومنهم من قال: بل للكراهة.
الذين قالوا: إنه للتحريم لأن الأصل في النهي التحريم إلا بدليل.
والذين قالوا: إنه للكراهة، قالوا: لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ استثنى قال: (إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ) ولو كان للتحريم ما جاز أن يصام حتى في العادة:
o بدليل أن أيام التشريق لما كانت حراما صار صيامها، جائزا إذا كان عادة أو حراما؟ حراما.
o وبدليل أيضا أيام العيدين لما كان صومها حراما كان صوم العيد حراما ولو وافق العادة.
2 - ومن فوائد الحديث أيضا جواز تقدم الصوم قبل رمضان بأكثر من يومين لقوله: (يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ)؛ ولكن هل إذا صام قبل رمضان بثلاثة أيام يستمر؟ أو نقول: إذا بقي يوم أو يومين فأمسك؟ يعني رجل صام قبل رمضان بثلاثة أيام، هل نقول: إنك لما بدأت الصوم قبل رمضان بثلاثة أيام أتمه؟ أو نقول: إذا بقي يومان يمسك؟ نرى.
الحديث (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ) هل يصدق على صورة رجل صام في اليوم السابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين، الظاهر أنه يصدق عليه، ونقول: إذا بقي يومان فأمسك، إلا إذا كنت تصوم صوما فصمه.
مثلا كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصام السابع والعشرين والتاسع والعشرين، فهـ?ذا لا بأس به.
أو كان يصوم يوم الاثنين عادة فصادف يوم الاثنين التاسع والعشرين لا بأس.
أو كان يصوم الخميس عادة فصام يوم الخميس في التاسع والعشرين فلا بأس.
أو كان بقي عليه من رمضان الماضي أيام فأكملها قبل رمضان بيوم أو يومين، فلا بأس، لأن صومه حينئذ يكون واجبا.
مسألة: وقوله: (إِلاَّ رَجُلٌ) هل المرأة كالرجل؟
نعم؛ لأن الأصل في الأحكام تساوي الرجل والمرأة إلا بدليل يدل على التخصيص.
رجل يصوم يوما ويفطر يوما فصادف يوم صومه التاسع والعشرين يصوم لقوله: (إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ)
3 - ومن فوائد الحديث أيضا الإشارة إلى? النهي عن التنطع وتجاوز الحدود، بناءً على أن العلة هي خوف أن يلحق هـ?ذا برمضان.
4 - ومنها أن للعادات تأثيرا في الأحكام الشرعية، من أين يؤخذ؟ (إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ)؛ ولكن ليس معنى ذلك أن العادات تؤثر على كل حال؛ لكن لها تأثير، وقد رد الله عز وجل أشياء كثيرة إلى? العرف، والعلماء أيضا ذكروا أن بعض الأشياء تفعل أحيانا لا اعتيادا، كما قالوا: يجوز أن يصلي الإنسان النفل جماعة لكن أحيانا، لو أردت مثلا أن تقوم صلاة الليل أنت وصاحبك جماعة أحيانا فلا بأس به؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فعل ذلك مع ابن عباس وحذيفة، أما تتخذ ذلك سنة راتبة فلا، فهـ?ذا دليل على أن للعادة تأثيرا في الأحكام الشرعية سلبا أو إيجابا.
5 - ومن فوائد الحديث أن الأمر قد يأتي للإباحة، لقوله: (فَلْيَصُمْهُ) حيث قلنا: إنها للإباحة. وهل يأتي الأمر للإباحة في غير هـ?ذا الوضع؟ نعم كثير يأتي للإباحة وقد قالوا في الضابط لإتيان الأمر للإباحة أن يكون في مقابلة المنع شرعا أو عرفا.
?وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ? [المائدة:02]، هـ?ذا في مقابلة المنع شرعا، فإذا كنت محرما حرم عليك الصيد، إذا حللت حل لك الصيد، أو نقول: إذا حللت فخذ البندقية، واذهب صد الطيور؟ ليس كذلك؛ لكنه مباح لأنه في مقابلة المنع، ?لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ? [المائدة:02]. ?فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ? [الجمعة:10]، للإباحة لأنها في مقابلة المنع، هـ?ذا الشرعي.
¥