تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - ومن فوائد الحديث أن التكفير يكون في الماضي والمستقبل لقوله: (اَلسَّنَةَ اَلْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)، ولكن المستقبل على سبيل الدوام مدى الحياة لم يرد إلا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأهل بدر، أما في حق الرسول فقوله تعالى?: ?لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ? [الفتح:02]، وأما لأهل بدر فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اطلع إلى? أهل بدر وقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. () وسبب ذلك أن ه?ؤلاء القوم أتوا حسنى عظيمة أعز الله بها الإسلام وأهله وأذل الشرك وأهله، ولهذا سماه الله تعالى? يوم الفرقان، فكان من شكر الله عز وجل لهؤلاء السّادة أن قال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

ولهذا قال بعض العلماء: كلما رأيت حديثا فيه غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإنه ضعيف، كلمة (ما تأخر) تكون ضعيفة؛ لأن هـ?ذا خاص بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما مؤقتا فكما رأيت بصوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية.

5 - ومن فوائد الحديث فضيلة صوم يوم عاشوراء.

6 - ومن فوائده أن فضل صوم يوم عاشوراء أدنى من فضل صوم عرفة؛ لأن صوم يوم عرفة يكفر سنتين وهـ?ذا يكفر سنة واحدة.

7 - ومن فوائده أن نعمة الله على المسلمين في الأمم السابقة هي نعمة على جنسهم إلى? يوم القيامة.

فانتصار المسلمين في الأمم السابقة هو من نعمة الله علينا، ولهذا صام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هـ?ذا اليوم شكرا لله على ما أنعم على موسى? وقومه حيث أنجاهم من الغرق ونصرهم على فرعون وأغرق فرعون وقومه.

8 - ومن فوائد الحديث فضيلة صوم يوم الاثنين، قال (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ, وَبُعِثْتُ فِيهِ, أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) فهـ?ذا يدل على أن صومه مستحب، وفيه فضل؛ لأن ذكر هـ?ذه الأشياء التي فيها منفعة لعباد الله تدل على أنّ الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يرغب في أن يصام ذلك اليوم.

ولهذا قال الله تعالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُ? إلى? قوله: ? شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ? [البقرة:183 - 185]، فخصّ الله هـ?ذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن، فدل ذلك على أن مزية هـ?ذا الشهر بسبب نزول القرآن فيه.

واستدل بهـ?ذا الحديث من قال: إنه يسن الاحتفال بمولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ جعل هـ?ذه المناسبة لها مزية، وهي صوم ذلك اليوم الذي ولد فيه، ولكن هل هـ?ذا الاستدلال صحيح؟

ليس بصحيح، وهم لا يعملون به أيضا.

أما كونه غير صحيح فلأن:

أولا: الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قيّد الذي يشرع في هـ?ذا اليوم، وهو الصوم، فدل ذلك أن ما عداه ليس بمشروع، فحينئذ يكون دليلا عليهم وليس دليلا لهم.

ثانيا: أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عيّن اليوم ولم يعيّن الشهر، وعلى هـ?ذا فلو يصادف أن ولادة الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -إن صح تعيين يوم ولادته- في غير يوم الاثنين فإنه لا يصام؛ لأن العلة هو صوم يوم الاثنين، التعيين في يوم الاثنين، فقط.

ثالثا: أن نقول أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: (ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ, وَبُعِثْتُ فِيهِ, أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) وهم لا يعتبرون الإنزال فيه، إنما يعتبرون الولادة، دون إنزال القرآن فيه، مع أن فضل الله علينا بإنزال على الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أكمل من فضله بالولادة؛ لأن الذي حصل فيه الشرف وتمت به النبوة للرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هو إنزال القرآن، أما قبل ذلك فإنه بشر من البشر، الذين ليسوا بأنبياء ولا رسل، ولم يكن نبيا إلا بعد أن أنزل عليه، ولم يكن هناك دين إلا بعد أن أنزل إليه.

ثم نقول: من قال لكم: إن ميلاده في شهر ربيع، وإن ولادته في الثاني عشر منه؟ كل هـ?ذا غير متيقن، ومن المعلوم أن هـ?ذه البدعة لم تحدث في عهد الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين، وأن القرون المفضلة انقرضت ولم يتكلم أحد منهم بكلمة، ولم يفعل أحد منهم فعلا من هـ?ذا النوع، وعليه فيكون محدثا، وكل محدث يتقرّب به الإنسان إلى? الله فهو بدعة وضلالة.

ثم نقول أيضا: هـ?ذه الذكرى التي تقيمونها كان عليكم أن تصبحوا يومها صائمين؛ لأن هـ?ذه المناسبة التي عيّنها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، أما أن تبقوا في تلك الذكرى كثير منكم يقدمون الحلوى والفرح وكذلك الأغاني التي كلها غلو لا يرضاها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فليس هـ?ذا من إقامة ذكراه؛ بل هـ?ذه من محادّة الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.

9 - نأخذ من هـ?ذه الحديث مشروعية صيام ثلاثة أيام يومان سنويان ويوم أسبوعي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير