تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[16 - 10 - 07, 03:03 ص]ـ

[الحديث السابع والعشرون]

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ اَلْأَنْصَارِيِّ () رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ. فَقَالَ: ((يُكَفِّرُ اَلسَّنَةَ اَلْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)) , وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ. فَقَالَ: ((يُكَفِّرُ اَلسَّنَةَ اَلْمَاضِيَةَ))، وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ اَلِاثْنَيْنِ, فَقَالَ: ((ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ, وَبُعِثْتُ فِيهِ, أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ()

[الشرح]

فيستفاد من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:

1 - حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم عن العلم، يؤخذ من سؤالهم للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هل سؤال الصحابة عن هـ?ذا للعلم أو للعلم والعمل؟ للعلم والعمل، أما أسئلتنا هـ?ذه فأكثرها للعلم. العلم كثير لكن العمل قليل.

2 - ومن فوائد الحديث أن صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية وباقية، وظاهر الحديث أنه يكفر الصغائر والكبائر؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أطلق ولم يفصّل، وما أطلقه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يكون مطلقا.

وقد أخذ بهـ?ذا بعض العلماء وقال: إنه يكفر السنة الماضية والباقية، سواء كانت هـ?ذه الذنوب صغائر أم كبائر.

ولكن الجمهور على أنه لا يكفر إلا الصغائر أما الكبائر فلابد لها من توبة، وأيدوا رأيهم قالوا: لأن صوم يوم عرفة ليس أوكد ولا أفضل من الصلوات الخمس أو الجمعة أو رمضان، وقد قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى? رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)). () فقالوا: إن كانت هـ?ذه العبادات العظيمة الجليلة التي من أركان الإسلام لا تقوى على تكفير الكبائر، فصوم هـ?ذا اليوم من باب أولى.

الراجح أنه يقيد ما قيدت الصلوات الخمس ورمضان إلى? رمضان.

3 - وظاهر الحديث أنه يسن أو يشرع صوم يوم عرفة لمن كان واقفا بها ولغيره، ظاهر الحديث هـ?ذا؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفصل، سئل عن يوم عرفة بدون أن يقال بعرفة أو خارج عرفة، وهـ?ذه المسألة مختلف فيها:

فقال بعض العلماء فيمن كان واقفا بعرفة ومن لم يكن واقفا بها.

ولكن الصحيح الذي عليه الجمهور أنّه لمن لم يقف بعرفة، فأما من كان واقفا بها فالمشروع له أن يفطر، واستدل ه?ؤلاء بأنه يُروى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة)() وهـ?ذا الحديث وإن كان ضعيفا؛ لكن يشهد له فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثابت في الصحيح أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتي يوم عرف بقدح من لبن فشربه والناس ينظرون إليه، () وهـ?ذا يدل على أنّ المشهور هو الفطر، ولهذا أعلنه النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.

وأيضا فإن الذين في عرفة مسافرون، إن كانوا من غير أهل مكة فالأمر ظاهر، وإن كانوا من أهل مكة فالصحيح أنهم مسافرون؛ لأن أهل مكة كانوا يقصرون مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عرفة وفي مزدلفة وفي منى، وهـ?ذا يدل على أنه مسافرون.

وإذا قُدِّر أن الرجل حج وهو من أهل عرفة فإن الأفضل له أن يفطر ليتقوّى بذلك على الدعاء الذي هو مخصوص بهـ?ذا اليوم، وهو من أعظم ما يكون خير الدعاء دعاء يوم عرفة، والإنسان الصائم -كما نعلم- يكون في آخر النهار الذي هو أرجى الأوقات إجابة يكون عنده كسل وتعب فلا يكون قويا على الدعاء.

ويروى عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، والحكمة من هـ?ذا اليوم لمن كان حاجا ليتقوى على الدعاء؛ لأنّ الدعاء خاص بهذا الزمن، وفي هـ?ذا المكان، بخلاف صوم يوم عرفة فلذلك أولى من المحافظة على صوم ذلك اليوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير