والواجب في القضاء عن كل يوم يوم في قول عامة الفقهاء (يدل على ذلك) قول الله تعالى: " فعدة من أيام أخر " و " قال النبي صلى الله عليه و سلم في قصة المجامع " صم يوما مكانه " (رواه أبو داود)، ولأن القضاء يكون على حسب الأداء بدليل سائر العبادات، ولأن القضاء لا يختلف بالعذر وعدمه بدليل الصلاة والحج. أ.هـ[المغنى - ج6 ص90]
وبالتالى فمن أفطر أيّاماً من رمضان - كالمريض والمسافر - قضى بعدّة ما فاته، لأنّ القضاء يجب أن يكون بعدّة ما فاته ...... ومن فاته صوم رمضان كلّه، قضى الشّهر كلّه، سواء ابتدأه من أوّل الشّهر أو من أثنائه، كأعداد الصّلوات الفائتة ........ فالقضاء لما فات من رمضان بالعدد: فمن أفطر رمضان كلّه، وكان ثلاثين، وقضاه في شهر بالهلال، وكان تسعةً وعشرين يوماً، صام يوماً آخر. وإن فاته صوم رمضان وهو تسعة وعشرون يوماً، وقضاه في شهر - وكان ثلاثين يوماً - فلا يلزمه صوم اليوم الأخير، لقوله تعالى: «فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ».
ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف، ويجوز عكسه، بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء، وهذا لعموم الآية المذكورة وإطلاقها.
وقضاء رمضان يكون على التّراخي (لايشترط فيه الفور ولاالتتابع)، لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه، بأن يهلّ رمضان آخر، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: " كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم ". [أخرجه البخارى (4/ 166 ـ فتح) و مسلم (3/ 154)].
ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر، من غير عذر، لحديث عائشة هذا، فإن أخّر فعليه الفدية: إطعام مسكين لكلّ يوم، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر: عليه القضاء وإطعام مسكين لكلّ يوم، وهذه الفدية للتّأخير.
ومذهب الحنفيّة، وهو وجه محتمل عند الحنابلة: إطلاق التّراخي بلا قيد، فلو جاء رمضان آخر، ولم يقض الفائت، قدّم صوم الأداء على القضاء، حتّى لو نوى الصّوم عن القضاء لم يقع إلاّ عن الأداء، ولا فدية عليه بالتّأخير إليه، لإطلاق النّصّ، وظاهر قوله تعالى " فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".
والحق أن ما ذهب إليه الأحناف هو الصحيح، وذلك أن فرض الفدية على من تأخَّر في القضاء حتى جاء رمضان آخر يحتاج إلى نصٍّ من الشرع، ولا نصَّ هنا، فلا يصح تشريع هذا الحكم.
وعند غير الحنفيّة يحرم التّطوّع بالصّوم قبل قضاء رمضان، ولا يصحّ تطوّعه بالصّوم قبل قضاء ما عليه من رمضان، بل يبدأ بالفرض حتّى يقضيه، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض، لأنّ الصّوم عبادة متكرّرة، فلم يجز تأخير الأولى عن الثّانية، كالصّلوات المفروضة.
س: ماذا على من كان عليه قضاء فلم يقض حتى مات؟
الجواب:
قال ابن قدامة:
من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا: يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه
الحال الثاني: أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور: يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه " (متفق عليه) وروي عن ابن عباس نحوه. ا.هـ[المغني - (ج 6 / ص 141)]
بوب البخاري فى كتاب الصوم من جامعه - بَاب مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ.
قال ابن حجر فى الشرح:
¥